للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ جلَّ ثناؤُه: قال السحرةُ مجيبةً لفرعونَ إذ توعَّدهم بقطعِ الأيدى والأرجلِ من خلافٍ والصلبِ: ﴿إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ﴾. يعنى بالانقلابِ إِلى اللَّهِ الرجوعَ إليه والمصيرَ.

وقولُه: ﴿وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا﴾. يَقولُ تعالى ذكرُه: ما تُنكِرُ منا يا فرعونُ وما (١) تَجِدُ علينا إلا مِن أجلِ ﴿أَنْ آمَنَّا﴾ أي: صدَّقْنا ﴿بِآيَاتِ رَبِّنَا﴾. يقولُ: بحُجَجِ ربِّنا وأعلامِه وأدلَّتِه التي لا تقدِرُ على مثلِها أنت ولا أحدٌ، سوى اللهِ الذي له ملكُ السماواتِ والأرضِ. ثم فزِعُوا إلى اللهِ بمسألتِه الصبرَ على عذابِ فرعونَ، وقبضَ أرواحِهم على الإسلامِ، فقالوا: ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا﴾ يعنون بقولِهم: ﴿أَفْرِغْ﴾: أنزِلْ علينا حبسًا يَحْبِسُنا عن الكُفِر بكَ عند تعذيبِ فرعونَ إيانا. ﴿وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ﴾. يقولُ: واقبِضْنا إليك على الإسلامِ دينِ خليلِك إبراهيمَ، لا على الشركِ بك.

[كما حدَّثني] (٢) موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرُو بنُ حمادٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ﴾: فقتَّلهم وقطَّعَهم (٣)، كما قال عبدُ الله بنُ عباسٍ، حين قالوا: ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ﴾. قال: كانوا في أوّلِ النهارِ سحرةً، وفي آخرِ النهارِ شهداءَ (٤).

حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا أبى، عن إسرائيلَ، عن عبدِ العزيزِ بن رُفيعٍ، عن عُبيد بن عميرٍ، قال: كانت السحرةُ أوَّلَ النهارِ سحرةً، وآخِرَ النهارِ شهداءَ (٥).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ


(١) في الأصل: "لا".
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "فحدثني".
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "صلبهم".
(٤) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٤١٣، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥٣٧، ١٥٣٨ (٨٨١٦، (٨٨١٨) من طريق عمرو بن حماد به.
(٥) ذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٤٥٥.