للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾. قال: لا يُؤْخَذُ أحدٌ بذنبِ أحدٍ.

وقولُه: ﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ثم بعدَ اجْتراحِكم في الدنيا ما اجْتَرحْتُم مِن صالحٍ وسَيِّئٍ، وإيمانٍ وكفرٍ أَيُّها الناسُ، إلى ربِّكم مصيرُكم من بعد وفاتِكم، ﴿فَيُنَبِّئُكُمْ﴾. يقولُ: فيخبرُكم بما كنتم في الدنيا تعمَلون مِن خيرٍ وشرٍّ، فيُجازِيكم على كلِّ ذلك جزاءَكم؛ المحسنَ منكم بإحسانِه، والمسيءَ بما يَسْتحِقُّه، يقولُ ﷿ لعبادِه: فاتَّقُوا أن تَلْقَوا رَبَّكم وقد عمِلتُم في الدنيا بما لا يَرْضاه منكم فتَهْلِكوا، فإنه لا يخفَى عليه عملُ عاملٍ منكم.

وقولُه: ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إن الله لا يَخْفَى عليه ما أضمرَته صدورُكم، أيُّها الناسُ، مما لا تُدْرِكُه أعينُكم، فكيف بما أدركَته العيونُ، ورأتْه الأبصارُ؟ وإنما يعنى جلّ ثناؤه بذلك، الخبرَ عن أنه لا يخفَى عليه شيءٌ، [وأنه مُحْصٍ على عبادِه أعمالَهم ليجازيَهم بها] (١)، كي يَتَّقُوه في سِرِّ أمورِهم وعلانيتِها.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وإذا مسَّ الإنسانَ بَلاءٌ في جسدِه مِن مرضٍ، أو عاهةٍ، أو شدّةٍ في معيشتِه، وجهدٍ وضيقٍ، ﴿دَعَا رَبَّهُ﴾. يقولُ: استغاثَ بربِّه الذي خلقَه، من شدَّةِ ذلك، ورغِب إليه في كشفِ ما نزَل به من شدةِ ذلك.


(١) سقط من: ص، ت ١.