للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما قلنا: ذلك أَوْلى بالصوابِ؛ لأن "الشهادةَ" مصدرٌ في هذا الموضعِ، و "الاثنان" اسمٌ، والاسمُ لا يكونُ مصدرًا، غيرَ أن العربَ قد تضعُ الأسماءَ مواضعَ الأفعالِ (١)، فالأمرُ وإن كان كذلك، فصرفُ كلِّ ذلك إلى أصحِّ وجوهِه ما وجَدنا إليه سبيلًا، أَوْلى بنا من صرفِه إلى أضعفِها.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه للمؤمنين: ليشهَدْ بينَكم إذا حضَر أحدَكم الموتُ عَدْلانِ من المسلمين، أو آخَران من غيرِ المسلمين.

وقد اخْتَلف أهلُ التأويلِ في تأويلِ قولِه: ﴿أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾؛ فقال بعضُهم: معناه: أو آخَران من غيِر أهلِ ملتِكم. نحوَ الذي قلنا فيه.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنا حُميدُ بنُ مَسْعدةَ وبشرُ (٢) بنُ معاذٍ، قالا: ثنا يزيدُ بنُ زُريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادةَ، عن سعيدِ بن المسيَّب: ﴿أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾: من أَهلِ الكتابِ (٣).

حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ ومحمدُ بنُ المثنى، قالا: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا شعبةُ، قال: سمِعتُ قتادةَ يحدِّثُ عن سعيدِ بن المسيَّبِ: ﴿أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾: من أهلِ الكتابِ (٤).


(١) أي المصادر.
(٢) في النسخ: "يونس".
(٣) تفسير عبد الرزاق ١/ ١٩٩، وفى (١٥٥٤٠) عن معمر، عن قتادة به.
(٤) أخرجه أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ ص ٢١٨، وسعيد بن منصور في سننه (٨٥٩ - تفسير)، وابن حزم في المحلى ١٠/ ٥٩٠، من طريق شعبة به.