للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حسنِها وسيِّئِها.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ (٣٦)﴾.

يقولُ تعالى ذِكْرُه لنبيِّه محمدٍ : وإذا رآك يا محمدُ الذين كَفَروا باللهِ ﴿إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا﴾. يقولُ: ما يَتَّخِذُونك إِلَّا سِخْرِيًّا يقولُ بعضُهم لبعضٍ: ﴿أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ﴾. يعنى بقولِه: ﴿يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ﴾: يذكرُ آلهتَكم بسوءٍ ويُعيبُها؛ تعجُّبًا مِنهم مِن ذلك، يقولُ اللَّهُ تعالى ذِكرُه: فيَعجَبون مِن ذِكْرِك يا محمدُ آلهتَهم التي لا تضرُّ ولا تَنفَعُ بسوءٍ، وهم يذكْرِ الرحمنِ الذي خلَقهم وأنعَم عليهم، ومنه نَفْعُهم، وبيدِه ضرُّهم، وإليه مَرْجِعُهم، بما هو أهلُه مِنهم أن يَذكُروه به - كافرون.

والعربُ تضَعُ الذِّكرَ موضِعَ المدحِ والذمِّ، فيقولون: سمِعْنا فلانًا يَذْكُرُ فلانًا. وهم يُريدُونَ: سَمِعْناه يَذْكُرُه بقبيحٍ ويَعيبُه - ومِن ذلك قولُ عنترةَ (١):

لا تَذكُرِى مُهْرِى وما أَطْعَمْتُه … فيكونَ (٢) جلدُكِ مِثلَ جِلدِ الأَجْرَبِ

يعنى بذلك: لا تَعِيبى مُهْرِى - وسَمِعْناه يَذْكُرُه بخيرٍ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (٣٧) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣٨)﴾.

يقولُ تعالى ذِكْرُه: ﴿خُلِقَ الْإِنْسَانُ﴾. يعني آدمَ، ﴿مِنْ عَجَلٍ﴾.

واختَلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِه؛ فقال بعضُهم: معناه: مِن عَجَلٍ في بِنْيَتِه


(١) ديوانه ص ١٩، ونسبه في اللسان (ن ع م) إلى خُزَز بن لَوْذان السدوسي.
(٢) في ت ٢: "فيصير".