للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العامِّ، بعد الأربعةِ الأشهرِ التي ضرَب لهم أجلًا، إلا أن [يَعْدُو فيها عادٍ منهم فيُقتل بعدائِه فقال] (١): ﴿أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ﴾ إلى قولِه: ﴿وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ (٢).

القولُ في تأويل قوله: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: قاتِلوا، أيُّها المؤمنون باللهِ ورسولِه هؤلاء المُشْرِكين الذين نكَثُوا أيمانهم، ونقَضُوا عُهُودَهم بينَكم وبينَهم، فأَخْرَجُوا رسولَ اللَّهِ مِن بين أَظْهُرِهم - ﴿يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ﴾. يقولُ: يَقْتُلُهم اللهُ بأيديكم، ﴿وَيُخْزِهِمْ﴾. يقولُ: ويُذِلُّهم بالأَسْرِ والقَهْرِ، ﴿وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ﴾، فيُعْطِيكم الظُّفَرَ عليهم والغَلَبَةَ، ﴿وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ﴾. يقول: ويُبرِئُ داءَ صدورِ قومٍ مؤمنين باللهِ ورسولهِ، بقَتْلِ هؤلاء المشركين بأيْدِيكم، وإذْلالِكم وقَهْرِكم إيَّاهم. وذلك الدَّاءُ هو ما كان في قلوبِهم عليهم مِن المَوْجِدَةِ بما كانوا يَنالونهم به مِن الأَذَى والمَكْرُوهِ.

وقيل: إن الله عنَى بقولِه: ﴿وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ﴾: صدورَ خُزاعةَ حلفاءِ رسولِ اللهِ ؛ وذلك أن قريشًا نقضُوا العهدَ بينَهم وبينَ رسولِ اللهِ بَمعُونتِهم بَكْرًا عليهم.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ المُثَنَّى وابنُ وكِيعٍ قالا: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا شُعبةُ،


(١) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "يعودوا فيها على دينهم مقبل بعذابه فقال"، وفى م: "يعودوا فيها على دينهم فيقبل بعد ثم قال"، والمثبت موافق لما في مصدر التخريج.
(٢) سيرة ابن هشام ٢/ ٥٤٦.