للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال: ثنا مِهْرانُ (١)، عن جويبرٍ، عن الضحاكِ: ﴿فَاسْلُكُوهُ﴾. قال: السَّلْكُ: أَنْ تَدخُلَ السِّلْسِلَةُ فِي فِيه، وتَخْرُجَ مِن دُبُرِه (٢).

وقيل: ﴿ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ﴾. وإنما تُسْلَكُ السِّلْسِلَةُ في فِيه، كما قالت العربُ: أَدْخَلْتُ رَأْسى فى القَلَنْسُوَةِ. وإِنما تَدْخُلُ القَلَنْسُوَةُ في الرأْسِ، وكما قال الأعشى (٣):

إذَا مَا السَّرابُ ارْتَدَى بالأَكَمْ

وإنما [يَرْتَدى الأَكَمُ] (٤) بالسَّرابِ، وما أشبَه ذلك، وإنما قيل ذلك كذلك لمعرفةِ السامعين معناه، وأنه لا يُشْكِلُ على سامعِه ما أراد قائلُه.

وقولُه: ﴿إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ﴾. يقولُ: افْعَلوا ذلك به، جزاءً له على كفرِه باللهِ في الدنيا، إنه كان لا يُصَدِّقُ بوحدانيةِ اللهِ العظيمِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣٤) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (٣٥) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (٣٦) لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (٣٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه مخبِرًا عن هذا الشَّقيِّ الذى أُوتِي كتابَه بشمالِه: إنه كان في الدنيا لا يَحُضُّ الناسَ على إطعامِ أهل المسكنةِ والحاجةِ.

وقولُه: ﴿فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: فليس له اليومَ، وذلك يوم القيامةِ، ﴿هَاهُنَا﴾. يعنى: فى الدار الآخرةِ، ﴿حَمِيمٌ﴾. يعنى: قريبٌ يَدْفَعُ


(١) بعده فى م: "عن ابن المبارك عن مجاهد".
(٢) ذكره الطوسي في التبيان ١٠/ ١٠٥.
(٣) ديوانه ص ٣٧ وفيه:
*إذا ما ارتدى بالسراب الأكم*
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "يريد كالأكم".