للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً﴾. قال: المكاءُ: صفيرٌ كان أهلُ الجاهليةِ يعلنون به، قال: وقال فى المكاءِ أيضًا: صفيرٌ في أيديهم ولعبٌ (١).

وقد قيل في التصديةِ: إنها الصدُّ عن بيتِ اللهِ الحرامِ. وذلك قولٌ لا وجهَ له؛ لأن التصديةَ مصدرٌ من قولِ القائلِ: صدَّيْتُ تصديةً. وأما (٢) الصَّدُّ فلا يقالُ منه: صدَّيْتُ، إنما يقالُ منه: صَدَدْتُ، فإن شدَّدت منها الدالَ على معنى تكريرِ الفعلِ، قيل: صدَّدْتُ تصديةً، إلا أن يكونَ صاحبُ هذا القولِ وجَّه التصديةَ إلى أنه من صددتُ، ثم قلبت إحدى دالَيْه ياءً، كما يقال: تظنَّيْتُ من ظَنَنْتُ، وكما قال الراجزُ (٣):

تَقَضِّىَ البازي إذا البازى كَسَرْ

يعني: تقضُّضَ البازى، فقلَب إحدى ضادَيه ياءً. فيكونُ ذلك وجهًا يُوجَّهُ إليه.

ذكرُ مَن قال ما ذكَرنا في تأويلِ التصديةِ

حدَّثنا أحمدُ بنُ إسحاقَ، قال: ثنا أبو أحمدَ، قال: ثنا طلحةُ بنُ عمرٍو، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ: ﴿وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً﴾: صدُّهم عن بيتِ اللهِ الحرامِ.


(١) ذكره ابن أبي حاتم فى تفسيره ٥/ ١٦٩٥ معلقا.
(٢) بعده فى ص، ت ١، ت ٢، س: "من".
(٣) هو العجاج، وتقدم البيت في ٢/ ٤٨.