للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا (١٥) لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا (١٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: قُلْ يا محمدُ لهؤلاءِ المكذِّبين بالساعةِ: أهذه النارُ التي وصَف لكم رَبُّكُم صِفتَها وصِفةَ، أهلِها، خيرٌ أم بستانُ الخُلدِ الذي يدومُ نعيمُه ولا يَبيدُ، الذي وعَد مَن اتَّقاه في الدنيا بطاعتِه فيما أمَره ونهاه؟.

وقولُه: ﴿كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا﴾. يقولُ: كانت جنةُ الخُلدِ للمتقين جزاءَ أعمالِهم للهِ في الدنيا بطاعتِه، وثوابَ تقواهم إيَّاه، ومصيرًا لهم. يقولُ: ومصيرًا للمتقين يصِيرون إليها في الآخرةِ.

وقولُه: ﴿لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ﴾. يقولُ: لهؤلاء المتقين في جنةِ الخُلدِ التي وعدَهموها اللهُ ما يشاءُون ممَّا تَشْتَهيه الأنفُسُ، وتلَذُّ الْأَعْينُ، ﴿خَالِدِينَ﴾ فيها. يقولُ: لابِثين فيها ماكِثين أبدًا، لا يَزولون عنها، ولا يَزولُ عنهم نَعِيمُها.

وقولُه: ﴿كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا﴾. وذلك أنَّ المؤمنين سألوا ربَّهم ذلك في الدنيا حينَ قالوا: ﴿آتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ﴾ [آل عمران: ١٩٤]. فقال (١) اللهُ : كان إعطاءُ اللهِ المؤمنين جنةَ الخُلدِ التي وصَف صِفتَها في الآخرةِ - وعْدًا وعدهم (٢) على طاعتِهم إيَّاه في الدنيا، ومسألتِهم إيَّاه ذلك.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


= السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٦٤ إلى ابن المنذر وابن مردويه.
(١) في م: "يقول".
(٢) بعده في م: "الله".