للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِن معنى الكلامِ، إذ كان معناه ما وصَفتُ.

وقد يجوزُ أن يكونَ نصَبَه على الخروجِ مِن قولِه: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ﴾ - ﴿فَرِيضَةً﴾، فتكونُ "الفريضةُ" منصوبةً على الخروجِ مِن قولِه: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ﴾ (١). كما تقولُ: هو لك هبةً، وهو لك صدقةً منِّي عليك.

وأمَّا قولُه: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾. فإنه يعنى جلَّ ثناؤُه: إن اللَّهَ لم يَزَلْ ذا علمٍ بما يُصْلِحُ خلقه أيُّها الناسُ، فانتهوا إلى ما يَأْمُرُكم، يُصْلِحْ لكم أمورَكم. ﴿حَكِيمًا﴾. يقولُ: لم يَزَلْ ذا حكمةٍ في تدبيرِه، وهو كذلك فيما يَقْسِمُ لبعضِكم مِن ميراثِ بعضٍ، وفيما يَقْضِي بينكم مِن الأحكامِ، لا يَدْخُلُ حكمه خَلَلٌ ولا زَلَلٌ؛ لأنه قضاءُ مَن لا يخْفَى عليه مواضعُ المصلحةِ في البدءِ والعاقبةِ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾.

يعنى بذلك جلّ ثناؤُه: ولكم أيُّها الناسُ نصفُ ما ترَك أزواجُكم بعد وفاتهنَّ مِن مالٍ وميراثٍ، إن لم يكنْ لهنَّ ولدٌ يومَ يَحْدُثُ بهنَّ الموتُ، لا ذكَرٌ ولا أنثى، ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ﴾. أي: فإن كان لأزواجِكم يومَ يَحْدُثُ بهنَّ الموتُ ولدٌ ذَكَرٌ أو أنثى، ﴿فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ﴾ مِن مالٍ وميراثٍ، ميراثًا لكم عنهنَّ. ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾. يقولُ: ذلكم لكم ميراثًا عنهنَّ، مما يَبْقَى مِن تَرِكاتِهنَّ وأموالِهنَّ، مِن بعدِ قضاءِ دُيُونِهِنَّ التي يَمُتْنَ وهى عليهن، ومِن بعدِ إنفاذِ وصاياهن الجائزةِ، إن كُنَّ أَوْصِينَ بها.


(١) بعده في ص: "فتكون الفريضة على الخروج مِن قوله له فلأمه السدس".