أموالَكُم، ولكنه يُكَلِّفُكم توحيدَه، وخلْعَ ما سِواه من الأندادِ، وإفرادَ الألوهةِ والطاعةِ له،
﴿إِن يَسْئَلْكُمُوهَا﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: إن يَسْأَلْكم ربُّكم أموالَكم، ﴿فَيُحْفِكُمْ﴾. يقولُ: فيُجْهِدْكم بالمسألةِ، ويُلِحَّ عليكم بطلبِها منكم فيُلْحِفْ، ﴿تَبْخَلُوا﴾. يقولُ: تَبْخَلوا بها، وتَمْنَعوها إياه؛ ضنًّا (١) منكم بها، ولكنه علِم ذلك منكم ومن ضِيقِ أنفسِكم، فلم يَسْأَلْكموها.
وقولُه: ﴿وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ﴾. يقولُ: ويُخْرِجْ جلَّ ثناؤُه لو سأَلكم أموالَكم بمسألتِه ذلك منكم، أضغانَكم. قال: قد علِم اللَّهُ أن في مسألتِه المالَ خروجَ الأضغانَ.
حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا﴾. قال: الإحفاءُ أن تَأْخُذَ كلَّ شيءٍ بيدَيْك.
يقولُ تعالى ذكرُه للمؤمنين: هأنتم أيُّها الناسُ، ﴿هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾. يقولُ: تُدْعَون إلى النفقةِ في جهادِ أعداءِ اللَّهِ ونُصرةِ دينِه، فمنكم من يَبْخَلُ: بالنفقةِ فيه.
وأُدخلت "ها" في موضعين؛ لأن العربَ إذا أرادت التقريبَ جعَلت المكنيَّ بينَ "ها" وبين "ذا"، فقالت: ها أنت ذا قائمًا. لأن التقريبَ جوابُ الكلامِ، فربما أعادت "ها" مع "ذا"، وربما اجتزَأت بالأولى وقد حُذِفت الثانيةُ، ولا يُقدِّمون