للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا شقيٌّ بَيِّنُ الشَّقاءِ (١).

وقولُه: ﴿الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى﴾. يقولُ: الذي يَرِدُ نارَ جهنمَ، وهى النارُ الكبرى. ويعنى بالكُبْرى: [في شدة] (٢) الحرِّ والألمِ.

وقولُه: ﴿ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾. يقولُ: ثم لا يموتُ في النارِ الكُبْرى ولا يحيا. وذلك أنَّ نفسَ أحدِهم تصيرُ فيها في حَلْقِه، فلا تخرجُ فتُفارِقُه فيَموتَ، ولا ترجعُ إلى موضعِها من الجسمِ فيحيا. وقيل: لا يموتُ فيها فيستريحَ، ولا يحيا حياةً تنفعُه.

وقال آخرون: قيل ذلك؛ لأنَّ العربَ كانت إذا وصَفَتِ الرجلَ بوقوعٍ في شدَّةٍ شديدةٍ، قالوا: لا هو حيٌّ، ولا هو ميتٌ. فخاطَبَهم اللهُ بالذي جرَى به ذلك مِن كلامِهم.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٧) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (١٩)

يقول تعالى ذكرُه: قد أَنْجَح وأَدْرَكَ طَلِبَتَه مَن تَطَهَّر مِن الكفرِ ومعاصى اللهِ، وعمِل بما أمَره اللهُ فأَدَّى فرائضَه.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال جماعةٌ مِن أهلِ التأويلِ.


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٣٩ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) في م، ت ٢، ت ٣: "لشدة".