للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّديِّ قوله: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ﴾ الآية. قال: الحكمةُ هي النبوَّةُ (١).

وقد بيَّنا فيما مضَى معنى "الحكمة"، وأنها مأخوذةٌ من الحُكم وفصل القضاء، وأنها الإصابةُ، بما دلَّ على صحَّتِه، فأَغْنى ذلك عن تكريره في هذا الموضع (٢).

وإذا كان ذلك (٣) معْناه، كان جميعُ الأقوالِ التي قالها القائلون الذين ذكرنا قولَهم في ذلك، داخلًا فيما قُلنا من ذلك؛ لأن الإصابة في الأمور إنما تكونُ عن فَهم بها وعلم ومعرفةٍ، وإذا كان ذلك كذلك، كان المصيبُ عن فَهْم منه بمواضع الصوابِ في أموره، فَهِمًا خاشيًا للهِ، فقيهًا عالمًا، وكانت النبوَّةُ من أقسامه؛ لأن الأنبياءَ مُسَدَّدون مُفَهَّمُون مُوَفَّقون لإصابة الصواب في الأمور، فالنبوَّةُ بعضُ معاني الحكمة.

فتأويلُ الكلام: يُؤتى الله إصابة الصواب في القول والفعل مَن يَشَاءُ، ومَن يؤته الله ذلك فقد آتاه خيرًا كثيرًا.

القولُ في تأويل قوله جل ثناؤُه: ﴿وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٦٩)﴾.

يعْنى جلَّ ثناؤُه بذلك: وما يتعظُ بما وعَظه به ربُّه في هذه الآياتِ التي وعظ فيها المُنْفِقين أموالَهم، بما [وعظَهم به وغيرَهم] (٤) فيها وفي غيرها من آي كتابه،


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٣٢ (٢٨٢٨) من طريق عمرو به.
(٢) ينظر ما تقدم في ٢/ ٥٧٧.
(٣) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "كذلك".
(٤) في م "وعظ به غيرهم".