للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه: قال قومُ هودٍ لهودٍ: يا هودُ، ما أَتَيتَنا ببيانٍ ولا برهانٍ على ما تقولُ فنُسَلِّمَ لك، ونُقِرَّ بأنك صادقٌ فيما تَدْعونا إليه، مِن توحيدِ اللَّهِ، والإقرارِ بنبوتِك، ﴿وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا﴾. يقولُ: ﴿وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا﴾ يعني لقولِك، أو مِن أجلِ قولِك، ﴿وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾، يقولُ: قالوا: وما نحن لك بما تَدَّعي مِن النبوةِ والرسالةِ مِن اللَّهِ إلينا بمُصدِّقين.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (٥٥)﴾.

وهذا خبرٌ مِن اللَّهِ تعالى ذكرُه عن قولِ قومِ هودٍ، أنهم قالوا له، إذ نَصَح لهم، ودَعاهم إلى توحيدِ اللَّهِ وتصديقِه، وخَلْعِ الأوثانِ والبراءةِ منها: لا نتركُ عبادةَ آلهتِنا، وما نقولُ إلا أن الذي حَمَلَكَ على ذَمِّها والنَّهْيِ عن عبادتِها، أنه أصابَك منها خَبَلٌ مِن جنونٍ.

فقال هودٌ لهم: إني أُشْهِدُ اللَّهَ على نَفْسي، وأشهدُكم أيضًا أيُّها القومُ، أني بريءٌ مما تُشْرِكون في عبادةِ اللَّهِ مِن آلهتِكم وأوثانِكم [مِن دونِه] (١). ﴿فَكِيدُونِي جَمِيعًا﴾. يقولُ (*): فاحْتالوا أنتم جميعًا وآلهتُكم في ضُرِّي ومَكْرُوهي، ﴿ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ﴾. يقولُ: ثم لا تُؤَخِّرون ذلك، فانْظُروا: هل تَنالوني أنتم [وهي] (٢) بما زَعَمتم أن آلهتَكم نالَتْني به مِن السوءِ؟

وبنحوِ الذي قُلنا في تأويلِ ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) في ص، ت ١، ت ٢، س: "من دونكم"، وفي ف: "منى دونكم".
(*) من هنا يبدأ الجزء الثالث والثلاثون من مخطوطة جامعة القرويين.
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "وهم".