للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما أمَر اللهُ جل ثناؤُه بقولِه: ﴿فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ﴾. الرجالَ بالعدلِ بينَ أزْواجِهم (١) فيما استطاعوا فيه العدلَ بينهن (٢)، مِن القسمةِ بينَهن، والنفقةِ، وتركِ الجَوْرِ في ذلك بإيثارِ إحداهن على الأُخْرى فيما فَرَضَ عليهم العَدْلَ بينَهن فيه؛ إذ كان قد صفَح لهم عما لا يُطِيقون العَدْلَ فيه بينَهن، مما في القلوبِ من المحبةِ والهوَى.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (١٢٩)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يعنى بذلك جل ثناؤُه: ﴿وَإِنْ تُصْلِحُوا﴾ أعمالَكم أيُّها الناسُ، فتَعْدِلوا في [قَسْمِكم بينَ] (٣) أزواجِكُم، وما فرَض اللهُ لهن عليكم مِن النفقةِ والعِشْرةِ بالمعروفِ، فلا تَجُوروا في ذلك، ﴿وَتَتَّقُوا﴾. يقولُ: وتَتَّقُوا اللَّهَ في المَيْلِ الذي نهاكم عنه، بأن تَمِيلوا لإحداهن على الأُخْرَى، فتَظْلِموها (٤) حَقَّها، مما أوْجَبَه (٥) اللهُ لها (٦) عليكم، ﴿فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا﴾. يقولُ: فإن الله يَسْتُرُ عليكم ما سلَف منكم؛ مِن مَيْلِكم وجَوْرِكم عليهن قبلَ ذلك، بتركِه عُقوبتَكم [عليه، ويُغَطِّى ذلك عليكم بعَفْوِه عنكم ما مضَى منكم] (٧) في ذلك قبلُ، ﴿رَحِيمًا﴾. يقولُ: وكان رحيمًا بكم إذ (٨) تاب عليكم، فقَبِلَ توبتَكم مِن الذي سلَف منكم؛ مِن


(١) في: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "أزواجهن".
(٢) في الأصل: "بينهم".
(٣) في الأصل: "قسمتكم من"، وفى ت ٢: "قسمتكم بين".
(٤) بعده في الأصل: "لها".
(٥) في م: "أوجبها".
(٦) في م: "له".
(٧) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٨) في م، ت ١، س: "إذا".