للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وواحدٌ للرحمنِ (١).

وأُدْخِلَت ﴿إِنَّ﴾ في خبرِ ﴿إِنَّ﴾ الأولى لما ذكَرْتُ مِن المعنى، وأن الكلامَ بمعنى الجزاءِ. كأنه قيل: مَن كان على دينٍ مِن هذه الأديانِ، ففَضْلُ ما بينَه وبينَ مَن خالَفه على اللَّهِ. والعربُ تُدْخِلُ أحيانًا في خبرِ "إنَّ" "إنَّ" إذا كان خبرُ الاسمِ الأولِ في اسمٍ مضافٍ إلى ذكرِه، فتقولُ: إن عبدَ اللَّهِ إن الخيرَ عندَه لَكثيرٌ. كما قال الشاعرُ (٢):

إِنَّ الخليفةَ إِنَّ اللَّهَ سَرْبَلَه … سِربالَ مُلْكٍ به تُرْجَى الخواتيمُ

وكان الفرَّاءُ يقولُ (٣): مَن قال هذا لم يَقُلْ: إنك إنك قائمٌ. ولا: إن أباك (٤) إنه قائم. لأن الاسمين قد اخْتَلَفا، فحُسن رفضُ الأولِ وجعلُ الثاني كأنه هو المبتدأُ، فحسُن للاختلافِ، [وقبُح للاتفاقِ] (٥).

وقولُه: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾. يقولُ: إن اللَّهَ على كلِّ شيءٍ مِن أعمالِ هؤلاء الأصنافِ الذين ذكَرهم اللَّهُ جلَّ ثناؤُه، وغيرِ ذلك مِن الأشياءِ كلِّها - شهيدٌ لا يَخفَى (٦) عنه (٧) شيءٌ مِن ذلك.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ


(١) تفسير عبد الرزاق ٢/ ٣٩. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٧٦ (٦٦٢٨) عن الحسن بن يحيى به مقتصرا على أوله، وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١٠٢٠٦) عن معمر به مقتصرا على أوله أيضا، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٤٧ إلى عبد بن حميد.
(٢) تقدم تخريجه في ١٥/ ٢٥٤.
(٣) معاني القرآن ٢/ ٢١٨.
(٤) في م: "إياك".
(٥) في ص، ت ٢، ف: "وفتح بالاتفاق"، وفى ت ١: "وقبح باتفاق".
(٦) في ت ١: "يغيب".
(٧) في ت ٢: "عليه".