للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلُّهم بالعبوديةِ، وفطَرهم على الإسلام، فكانوا أمةً واحدةً مسلمين، يقولُ: ﴿أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾. يقولُ: بعد ذلك الذي كان في زمان آدم. وقال في الآخرين: الذين استقاموا على إيمانهم ذلك، فأخلصوا (١) له الدينَ والعملَ، فبيَّض اللَّهُ وُجوهَهم، وأدخلَهم في رضوانِه وجنتِه (٢).

وقال آخرون: بل الذين عُنوا بقوله: ﴿أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾. المنافقون.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سنانٍ، قال: ثنا أبو بكرٍ الحنفيُّ، عن عبّادٍ، عن الحسن: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ الآية. قال: هم المنافقون، كانوا أعطَوا كلمةَ الإيمان بألسنتهم وأنكَروها بقلوبِهم وأعمالهم (٣).

وأولى الأقوال التي ذكَرناها في ذلك بالصواب القولُ الذي ذكَرناه عن أبيِّ بن كعبٍ، أنه عُنى بذلك جميعُ الكفار، وأن الإيمان الذي يُوَبَّخون على ارتدادهم عنه هو الإيمانُ الذي أقَرُّوا به يومَ قيل لهم: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا﴾ [الأعراف: ١٧٢]. وذلك أن الله جلَّ ثناؤه جعَل جميعَ أهل الآخرة فريقين؛ أحدُهما سودًا (٤) وجوهُه، والآخرُ بيضًا (٥) وجوهُه، فمعلومٌ إذ لم يكن هنالك إلا هذان الفريقان، أن جميعَ الكفارِ داخلون في فريقِ مَن سُوِّد وجهُه، وأن جميعَ المؤمنين داخلون في فريق من بُيِّض وجهُه، فلا وجهَ إذن لقولِ قائلٍ: عُنِى بقوله: ﴿أَكَفَرْتُمْ


(١) في ص، ت ١، س: "وأخلصوا".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٣٠ (٣٩٥٦، ٣٩٥٩) من طريق أبى جعفر به.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٢٩ (٣٩٥٣) من طريق أبى بكر الحنفى به.
(٤) في م: "سوداء".
(٥) في م: "بيضاء".