للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: معنى قولِه: ﴿وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾: واحتسابًا من أنفسِهم.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ بنُ زريعٍ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ يقولُ: احتسابًا من أنفسِهم (١).

وهذا القولُ أيضًا قولٌ (٢) بعيدُ المعنى من معنى التثبيتِ (٣)؛ لأن التثبيتَ لا يُعْرَفُ في شيءٍ من الكلامِ بمعنى الاحتسابِ، إلا أن يكونَ أرادَ مفسِّرُه كذلك أن أَنفُسَ المنفقين كانت مُحتسبةً في تثبيتِها أصحابَها، فإن كان ذلك كان عنده معنى الكلامِ، فليس الاحتسابُ بمَعْنًى حينئذٍ للتثبيتِ فيُتَرْجَمَ عنه به.

القولُ في تأويلِ قولِه جلّ ثناؤه: ﴿كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ﴾.

يعنى بذلك جلّ ثناؤه: ومثلُ الذين يُنفِقون أموالَهم فيَتَصَدَّقُون بها، ويُسَبِّلُونها في طاعةِ اللَّهِ بغيرِ منٍّ على من تَصَدَّقُوا بها عليه، ولا أذًى منهم لهم بها؛ ابتغاءَ رضوانِ اللَّهِ، وتصديقًا من أنفسِهم بوعدِه، ﴿كَمَثَلِ جَنَّةٍ﴾ - والجنةُ البستانُ، وقد دلَّلْنا فيما مضَى على أن الجنةَ البستانُ، بما فيه الكفايةُ إعادتِه (٤) - ﴿بِرَبْوَةٍ﴾، والربوةُ من الأرضِ: ما نشَز منها، فارتفَع عن المَسيلِ (٥). وإنما وصَفها


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٢٠ (٢٧٥٨) من طريق شيبان، عن قتادة.
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٣) في ص في هذا الموضع وما بعده: "التثبت".
(٤) ينظر ما تقدم في ١/ ٤٠٦ وما بعدها.
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "السيل".