للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بذلك جل ثناؤُه؛ لأن ما ارتفَع من الأرضِ (١) عن المسايلِ والأوديةِ أَغْلَظُ، وجِنانُ ما غلُظ من الأرضِ أحسنُ وأَزْكَى ثَمَرًا وَغَرْسًا وزَرْعًا مما رَقَّ منها، ولذلك قال أعشى بنى ثعلبةَ في وصفِ رَوْضةٍ (٢):

ما رَوْضَةٌ من رِياضِ الحَزْنِ مُعْشِبَةٌ … خَضْرَاءُ جَادَ عَلَيْها مُسْبِلٌ هَطِلُ

فوصَفها بأنها من رياضِ الحَزْنِ؛ لأن الحُزُونَ عُروسُها ونباتُها أحسنُ وأقوى من غُروسِ الأوديةِ والتِّلاعِ وزُروعِها.

وفى "الرَّبوةِ" لُغاتٌ ثلاثٌ، وقد قرَأ بكلِّ لغةٍ منهن جماعةٌ من القرأةِ؛ وهنّ (٣): "رُبُوةٌ" بضمِّ الراءِ، وبها قرأتْ عامةُ قرأةِ المدينةِ والحجازِ والعراقِ (٤). و "رَبُوةٌ" بفتحِ الراءِ، وبها قرأ بعضُ أهلِ الشامِ وبعضُ أهلِ الكوفةِ (٥)، ويقالُ: إنها لغةٌ لتميمٍ. و "ربوةٌ" بكسرِ الراءِ، وبها قرأ - فيما ذُكِر - ابن عباسٍ (٦).

وغيرُ جائزٍ عندى أن يُقرأَ ذلك إلا بإحدى اللغتَين: إما بفتحِ الراءِ، وإما بضمِّها؛ لأن قراءةَ الناسِ في أمصارِهم بإحداهما، وأنا لقراءتِها بضمِّها أشدُّ إيثارًا منى لِفَتحِها (٧)؛ لأنها أشهرُ اللغتَين في العربِ، فأما الكسرُ فإن في رفضِ القرأةِ (٨) القراءةَ به دلالةً واضحةً على أن القراءةَ به غيرُ جائزةٍ.

وإنما سُمِّيَت الرَّبوةُ ربوةً (٨) لأنَّها رَبَتْ فغلُظتْ وعَلَتْ، من قولِ القائلِ: رَبَا


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٢) ديوانه ص ٥٧.
(٣) في ص، م: "هي".
(٤) وهى قراءة نافع وابن كثير وأبى عمرو وحمزة والكسائى. ينظر السبعة لابن مجاهد ص ١٩٠.
(٥) وهى قراءة عاصم وابن عامر. المصدر السابق.
(٦) أخرجه الحاكم ٢/ ٢٨٣ من طريق عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس. وينظر الشواذ لابن خالويه ص ٢٣.
(٧) في ص، م: "بفتحها".
(٨) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.