للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: ﴿آلِهَةً يُعْبَدُونَ﴾، فأخرج الخبر عن الآلهة مُخرج الخبر عن ذكور بنى آدم، ولم يَقُلْ: تُعْبَدُ. ولا: يُعْبَدْنَ. فتؤنث وهى حجارةٌ، أو بعض الجماد، كما تفْعَلُ بالخبر (١) عن بعض الجمادِ، وإنما فُعِل ذلك كذلك، إذ كانت تُعبدُ وتُعَظَّمُ تعظيمَ الناسِ ملوكهم وسَرَاتَهم، فأُجْرِى الخبرُ عنها مُجْرَى الخبر عن الملوك والأشراف من بنى آدم (٢).

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٦) فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ (٤٧)﴾.

يقولُ جلَّ ثناؤه: ولقد أرسلنا موسى يا محمد بحججنا إلى فرعون وأشراف قومه، كما أرسلناك إلى هؤلاء المشركين من قومك، فقال لهم موسى: إني رسولُ رب العالمين. كما قلت أنت لقومك من قريش: إنى رسول الله إليكم.

﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ﴾. يقولُ: فلما جاء موسى فرعون وملأه بحججنا وأدلتنا على [حقيقة ما دعاهم إليه كما جئتَ أنتَ قومك بحججنا على] (٣) صدق [قولك فيما تدعوهم] (٤) إليه من توحيدِ اللهِ، والبراءةِ من عبادة الآلهة - إذا فرعون وقومه مما جاءهم به موسى من الآياتِ والعِبَرِ يضحكون، كما أن قومك مما جئتهم به مِن الآيات والعبر يَسْخَرون. وهذا تَسْليةٌ من الله، ﷿، نبيه عما كان يَلْقَى من مشركي قومه، وإعلامٌ منه له أن قومه من أهل الشرك لن يَعْدُوا أن يكونوا كسائر الأمم الذين كانوا على منهاجهم في الكفر بالله وتكذيب رُسُلِه، ونَدْبٌ منه نبيَّه


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "في الخبر".
(٢) ينظر معاني القراء ٣/ ٤٣.
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٤) في م: "قوله فيما يدعوهم".