للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقراءةُ التى لا أَسْتَجِيزُ غيرَها: ﴿وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ﴾. بفتح الزايِ مِن ﴿زَيَّنَ﴾، ونصبِ "القتل" بوقوعِ ﴿زَيَّنَ﴾ عليه، وخفضِ ﴿أَوْلَادِهِمْ﴾ بإضافة "القتلِ" إليهم، ورفعِ (شركاءَ) بفعلِهم؛ لأنهم هم الذين زيَّنوا للمشركين قتلَ أولادِهم، على ما ذكرْتُ مِن التأويل.

وإنما قلتُ: لا أَسْتَجيزُ القراءة بغيرها؛ لإجماعِ الحجةِ من القرأةِ عليه، وأن تأويلَ أهلِ التأويلِ بذلك ورَد، ففى ذلك أوضحُ البيانِ على فسادِ ما خالَفَها مِن القراءةِ (١).

ولولا أن تأويلَ جميعِ أهلِ التأويلِ بذلك ورَد، ثم قرَأ قارئٌ: (وكذلك زُيِّن لكثيرٍ من المشركين قتلُ أولادِهم شركائِهم). بضمِّ الزايِ مِن "زُيِّن"، ورفعِ "القتلِ" وخفضِ "الأولادِ" و "الشركاءِ"، على أن "الشركاءَ" مَخْفوضون بالردِّ على "الأولاد"، بأن الأولادَ شركاءُ آبائِهم فى النَّسبِ والميراثِ -كان جائزًا.

ولو قرَأه كذلك قارئٌ، غيرَ أنه رفَع "الشركاءَ" وخفَض "الأولادَ"، كما يقالُ: ضُرِب عبدُ اللهِ أخوك، فيَظْهَرُ الفاعلُ بعدَ أن جرَى الخبرُ بما لم يُسمَّ فاعلُه - كان ذلك صحيحًا في العربية جائزًا.

القولُ في تأويلِ قوله: ﴿وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ﴾.


(١) والقراءة التي حكم عليها المصنف بالفساد متواترة، فقد قرأ بها ابن عامر، وهو من كبار التابعين الذين أخذوا عن الصحابة كعثمان وأبي الدرداء، وهو مع ذلك عربي صريح من صميم العرب، وقال ابن الجزري: وأول من نعلمه أنكر هذه القراءة وغيرها من القراءة الصحيحة وركب هذا المحذور ابن جرير الطبرى بعد الثلاثمائة، وقد عد ذلك من سقطات ابن جرير. وقد أطال العلماء فى الانتصار لهذه القراءة، وينظر في ذلك البحر المحيط ٤/ ٢٢٩، ٢٣٠، والنشر ٢/ ١٩٨، ١٩٩.