للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿لِيُرْدُوهُمْ﴾: فيُهْلِكوهم، وأمَّا: ﴿وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ﴾: فيَخْلِطوا عليهم دينهم (١).

واخْتَلَفَت القرأةُ فى قراءةِ ذلك، فقرَأَته قرأةُ الحجازِ والعراقِ: ﴿وَكَذَلِكَ زَيَّنَ﴾ بفتحِ الزايِ من ﴿زَيَّنَ﴾، ﴿لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ﴾. بنصبِ "القتلِ"، ﴿شُرَكَاؤُهُمْ﴾. بالرفعِ، بمعنى أن شركاءَ هؤلاء المشركين الذين زيَّنوا لهم قتلَ أولادِهم. فيَرْفَعون "الشركاء" بفعلِهم، ويَنْصِبون "القتلَ"، لأنه مفعولٌ به.

وقرَأ ذلك بعضُ قرأةِ أهلِ الشامِ: (وكذلك زُيِّن) بضمِّ الزايِ (لكثير من المشركين قتلُ) بالرفعِ (أولادَهم) بالنصبِ، (شركائِهم) بالخفضِ (٢)، بمعنى: وكذلك زُيِّن لكثيرٍ مِن المشركين قتلُ شركائِهم أولادَهم. ففرَّقوا بينَ الخافضِ والمخفوضِ بما عمِل فيه مِن (٣) الاسم.

وذلك في كلامِ العربِ قبيحٌ غيرُ فَصيحٍ. وقد رُوِى عن بعض أهلِ الحجازِ بيتٌ من الشعرِ يُؤيِّدُ قراءةَ مَن قرَأ بما ذكَرْتُ مِن قراءةِ أهلِ الشامِ، رأيتُ رُواةَ الشعرِ وأَهلَ العلمِ بالعربيةِ مِن أهلِ العراقِ يُنْكِرونه، وذلك قولُ قائلِهم (٤):

فزجَجتُه (٥) مُتَمَكِّنًا … زَجَّ القَلُوصَ (٦) أبي مَزَادَهْ


(١) أخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٤/ ١٣٩٣ (٧٩٢٠، ٧٩٢١) من طريق أحمد بن المفضل.
(٢) وهى قراءة ابن عامر من السبعة، والباقون كالقراءة الأولى. التيسير ص ٨٨.
(٣) فى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "في".
(٤) معانى القرآن للفراء ١/ ٣٥٨، ومجالس ثعلب ١/ ١٥٢، والخزانة ٤/ ٤١٥.
(٥) زجه: إذا طعنه بالزُّج -وهو الحديدة في أسفل الرمح- ورماه به. ينظر اللسان (ز ج ج).
(٦) القلوص: الفتية من الإبل. اللسان (ق ل ص).