للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غِرَّةٍ لا تَشْعُرون، ﴿أَوْ جَهْرَةً﴾. يقولُ: أو أتاكم عذاب الله وأنتم تُعايِنونه وتَنْظُرون إليه، ﴿هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ﴾. يقولُ: هل يُهْلِكُ الله منا ومنكم إلا مَن كان يَعْبُدُ غيرَ مَن يَسْتَحِقُّ علينا العبادةَ، وترك عبادةَ مَن يَسْتَحِقُّ علينا العبادةَ؟

وقد بيَّنَّا معنى "الجَهْرةِ" في غيرِ هذا الموضعِ بما أغْنَى عن إعادتِه، وأنها مِن الإجهارِ، وهو إظهارُ الشيءِ للعينِ (١).

كما حدَّثني محمدُ بنُ عمرو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿جَهْرَةً﴾. قال: وهم يَنْظُرون.

حدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفةَ، قال: ثنا شِبْلٌ، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مُجاهدٍ: ﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً﴾: فجأةً آمنين، ﴿أَوْ جَهْرَةً﴾: وهم يَنْظُرون (٢).

القول في تأويل قوله: ﴿وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٤٨)

يقولُ تعالى ذكره: وما نُرْسِلُ رسلَنا إلا بشارة أهل الطاعة لنا بالجنةِ والفوزِ المبين يومَ القيامةِ؛ جزاءً منا لهم على طاعتِنا، وبإنذارِ مَن عصانا وخالَف أمْرَنا، عقوبتنا إيَّاه على معصيتِنا يومَ القيامةِ؛ جزاءً منا على معصيتِنا، لنُعْذِرَ إليه فيَهْلِكَ إن هلَك عن بيِّنةٍ، ﴿فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ﴾. يقولُ: فمَن صدَّقَ مَن أَرْسَلْنَا إِليه مِن رَسُلِنا إنذارهم إياه، وقبل (٣) منهم ما جاءوه به من عند الله، وعمل صالحًا في الدنيا، ﴿فَلَا


(١) ينظر ما تقدم في ١/ ٦٨٧ وما بعدها.
(٢) تفسير مجاهد ص ٣٢١، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٩٤ (٧٣١٣، ٧٣١٤).
(٣) في م: "قيل".