للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني أبو السائبِ، قال: ثنا حفصٌ، عن أشعثَ، عن ابن سيرين مثلَه. وزاد فيه: وكان الأعرابيُّ يَجْهَرُ فيقولُ: التحيَّاتُ اللهِ، والصلواتُ اللهِ. يرفَعُ فيها صوتَه، فنزَلت: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ﴾ (١).

وقال آخرون: بل كان رسولُ اللهِ يُصلِّى بمكةَ جِهارًا، فأُمِر بإخْفائِها.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا يحيى بنُ واضحٍ، قال: ثنا الحسينُ، عن يزيدَ، عن عكرمةَ والحسنِ البصريِّ، قالا: قال في "بني إسرائيلَ": ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾: وكان رسولُ اللهِ إِذَا صَلَّى يَجْهَرُ بصلاتِه، فآذَى ذلك المشركين بمكةَ، حتى أخفَى صلاتَه هو وأصحابُه، فلذلك قال: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾. وقال في "الأعرافِ": ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ﴾ [الأعراف: ٢٠٥].

وقال آخرون: معنى ذلك: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ﴾: تُحْسِنُها مِن إتيانِها في العَلانيةِ، ﴿وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾: تُسِيئُها (٢) في السريرةِ (٣).

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، عن الحسنِ، أنه كان يقولُ: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾. أي: لا تُراءِ بها علانيةً، ولا تُخْفِها


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٥/ ١٢٨.
(٢) في ت ١، ف: "تحسنها"، وفي ت ٢: "تخفيها".
(٣) في ت ١، ت ٢، ف: "الشهرة".