للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأنعامُ.

وقوله: ﴿مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا﴾. يقول تعالى ذكرُه: أنبتنا بالماء الذي أنزلناه من السماء لكم هذه الحدائق، إذ (١) لم يَكُن لكم - لولا أنه أنزل عليكم الماء من السماء - طاقةٌ أن تُنْبِتُوا شجر هذه الحدائق، ولم تكونوا قادرين على إنبات (٢) ذلك؛ لأنه لا يصلُحُ ذلك إلا بالماء.

وقوله: ﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ﴾. يقولُ تعالى ذكره: أمعبودٌ مع اللهِ أَيُّها الجَهَلَةُ خلق ذلك، وأنزلَ مِن السماءِ الماء فأنبت به لكم الحدائق؟

فقوله: ﴿أَإِلَهٌ﴾ مردودٌ على تأويل: أمع الله إلهٌ؟

﴿بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤه: بل هؤلاء المشركون قوم ضُلَّالٌ، يَعْدِلون عن الحقِّ، ويَجُورُون (٣) عليه على عَمْدٍ منهم لذلك، مع علمهم بأنهم على خطأ وضلالٍ، ولم يعدلوا عن جهلٍ منهم بأنَّ مَن لا يقدرُ على نفعٍ ولا ضرٍّ خيرٌ ممن خلق السماوات والأرضَ، وفعل هذه الأفعال، ولكنهم عَدَلوا على علمٍ منهم ومعرفة؛ اقتفاءً منهم سُنَّةَ مَن مضى قبلهم من آبائهم.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٦١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: أعبادةُ ما تُشْرِكون أيُّها الناسُ بربِّكم خيرٌ، وهو لا يضُرُّ ولا ينفعُ، أم الذي جعَل الأرضَ لكم قرارًا تَسْتقرون عليها لا تميدُ بكم؟


(١) في ص، ت ١، ف: "إن".
(٢) في م: "ذهاب"، وفي ت ٢: "إتيان".
(٣) في ت ٢: "يجوزون".