للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا خاتَمَ النُّبآءِ إنك مُرْسَلٌ … [بالحقِّ خيرُ هُدَى الإلهِ] (١) هُدَاكا

فقال: يا خاتمَ النُّبآءِ. على أن واحدَهم نبئٌ مَهْموزٌ.

وقد قال بعضُهم: النبىُّ والنبوَّةُ غيرُ مَهْموزَيْنِ، لأنهما مأْخوذان مِن النَّبوَةِ، وهى مثلُ النَّجْوةِ، وهما (٢) المكانُ المرتفعُ، وكان يقولُ: إن أصلَ النبيِّ الطريقُ. ويَسْتَشْهِدُ على ذلك ببيتِ القُطَاميِّ (٣):

لمَّا وَرَدْنَ نبِيًّا واسْتَتَبَّ لنا (٤) … مُسْحَنْفِرٌ (٥) كخُطوطِ السَّيْحِ (٦) مُنْسَحِلُ (٧)

ويقولُ: إنما سُمِّى الطريقُ نبيًّا؛ لأنه ظاهرٌ مُسْتَبِينٌ، مِن النَّبْوةِ. ويقولُ: لم أسْمَعْ أحدًا يَهْمِزُ النبيَّ (٨). وقد ذكَرْنا ما في ذلك، وبيَّنَّا ما فيه الكفايةُ إن شاء اللهُ.

ويعنى بقولِه: ﴿وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾. أنهم كانوا يَقْتُلون رُسُلَ اللهِ بغيرِ إذنِ اللهِ لهم بقتلِهم، مُنْكِرِين رسالتَهم، جاحِدِين نبوتَهم.

القولُ في تأويلِ قولِه جلّ ثناؤُه: ﴿ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (٦١)﴾.

وقولُه: ﴿ذَلِكَ﴾ ردٌّ على ﴿ذَلِكَ﴾ الأولِ. ومعنى الكلامِ: وضُرِبَت عليهم الذِّلَّةُ والمَسْكَنةُ، وباءوا بغضبٍ مِن اللهِ؛ مِن أجْلِ كفرِهم بآياتِ اللهِ وقتلِهم النبيِّين بغيرِ الحقِّ، ومِن أجْلِ عِصْيانِهم ربَّهم واعتدائِهم حدودَه. فقال جل ثناؤُه: ﴿ذَلِكَ


(١) في م: "بالخير كل هدى السبيل"، وفى السيرة: "بالحق كل هدى السبيل".
(٢) في م: "هو".
(٣) ديوانه ص ٢٧.
(٤) في م: "بنا".
(٥) مسحنفر: ممتد. اللسان (سحفر).
(٦) في م: "النسج". والسيح: قيل: العباءة المخططة. وقيل: نوع من البرود. اللسان (س ى ح).
(٧) السحل: الكشط والقشر. اللسان (س ح ل).
(٨) بعده في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "قال".