للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالوا: إذا قُرِئ كذلك كان أشبهَ بأسماءِ العجمِ. وأنْكَروا التخفيفَ وقالوا: لا نَعْرِفُ في كلامِ العربِ اسمًا على "يَفْعَل" فيه أَلَفٌ ولامٌ.

والصوابُ مِن القراءةِ في ذلك عندي قراءةُ مَن قرَأه بلامٍ واحدةٍ مخففةٍ؛ لإجماعِ أهلِ الأخبارِ على أن ذلك هو المعروفُ مِن اسمِه، دون التشديدِ، مع أنه اسمٌ أَعْجَمِيٌّ، فيُنْطَقُ به على ما هو به. وإنما نُقيمُ (١) دخولَ الألفِ واللام فيما جاء مِن أسماءِ العربِ على "يَفْعَل". وأما الاسمُ الذي يَكونُ أَعْجَميًّا، فإنما يُنْطَقُ به على ما سَمَّوْا به، فإن غُيِّر منه شيءٌ إذا تكَلَّمَت العربُ به، فإنما يُغَيَّرُ بتقويمِ حرفٍ منه، من غيرِ حذفٍ ولا زيادةٍ فيه ولا نُقصانٍ، و "اللَّيْسَعُ" إذا شُدِّد لَحِقَتْه زيادةٌ لم تَكُنْ فيه قبلَ التشديدِ. وأُخرى، أنه لم يُحْفَظْ عن أحدٍ من أهل العلم علِمْنا أنه قال: اسمُه لَيْسَعُ. فيَكونَ مُشَددًا عند دخولِ الألفِ واللامِ اللتين تَدْخُلان للتعريفِ (٢).

و ﴿وَيُونُسَ﴾ هو يونُسُ بنُ مَتَّى، ﴿وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا﴾ مِن ذريةِ نوحٍ ونوحًا، لهم بيَّنا الحقَّ، ووفَّقْناهم له، وفضَّلْنا جميعَهم ﴿عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ يعني: على عالَمِ أزمانِهم.

القولُ في تأويل قولِه: ﴿وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٨٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وهدَيْنا أيضًا من آباءِ هؤلاء الذين سمَّاهم تعالى ذكرُه، ومِن ذرياتِهم وإخوانِهم آخرين سواهم لم يُسَمِّهم، للحقِّ والدينِ الخالصِ الذي لا


(١) في ص: "يقيم"، وفي م: "لا يستقيم".
(٢) القراءتان كلتاهما صواب؛ لأنهما متواترتان.