للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فبَشِّرْ هذا المعرِضَ عن آياتِ اللَّهِ إذا تُلِيَتْ عليه استكبارًا - بعذابٍ له من الله يومَ القيامةِ مُوجع، وذلك عذاب النار.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (٨) خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩)﴾.

يقول تعالى ذكره: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بالله فوحَّدُوه، وصدَّقوا رسوله واتَّبعوه، ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾. يقولُ: فأطاعوا الله، فعملوا بما أمرهم في كتابه وعلى لسان رسوله، وانتهوا عما نهاهم عنه، ﴿لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ﴾. يقول: لهؤلاء بساتين النعيم.

﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾. يقول: ماكثين فيها إلى غير نهاية، ﴿وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا﴾. يقولُ: وعدهم الله وغدًا حقًّا، لا شكَّ فيه، ولا خُلْفٌ له، ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾. يقولُ: وهو الشديدُ في انتقامه من أهل الشرك به، والصادِّين عن سبيله، ﴿الْحَكِيمُ﴾ في تدبير خلقه.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (١٠)﴾.

يقول تعالى ذكره: ومن حكمته أنه خلق السماوات السبع ﴿بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾. وقد ذكرتُ فيما مضى اختلاف أهل التأويل في معنى قوله: ﴿بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾، وبيَّنا الصواب من القول في ذلك عندنا (١).

وقد حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا معاذُ بن معاذٍ، عن عمران بن حديرٍ، عن


(١) ينظر ما تقدم في ١٣/ ٤٠٨.