للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ﴾ في شيءٍ، وذلك أن التي وضَع اللَّهُ عنا الجُناحَ في دخولِها بغيرِ إذنٍ مِن البيوتِ، هي ما لم تَكنْ مسكونةً، إذ حانوتُ التاجرِ لا سبيلَ إلى دخولِه إلا بإذنِه، وهو مع ذلك مسكونٌ، فتَبيَّن أنه مما عنَى اللَّهُ مِن هذه الآيةِ بمعزِلٍ.

وقال جماعةٌ مِن أهلِ التأويلِ: هذه الآيةُ مُستثْناةٌ مِن قولِه: ﴿لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا﴾ [النور: ٢٧].

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جُرَيجٍ، قال: قال ابن عباسٍ: ﴿لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ﴾ ثم نسَخ واسْتَثنى، فقال: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ﴾ (١).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا يَحيى بنُ واضِح، عن الحسينِ، عن يزيدَ، عن عكرِمةَ: هو ﴿حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا﴾ الآية: فنسَخ مِن ذلك واستَثْنَى، فقال: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ﴾ (٢).

وليس في قولِه: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ﴾. دَلالةٌ على أنه استِثناءٌ مِن قولِه: ﴿لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا﴾. لأنَّ قولَه: ﴿لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا﴾. حكمٌ مِن اللَّهِ في البيوتِ التي (٣) لها سكانٌ وأَرْبابٌ. وقولَه: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ﴾. حكمٌ منه في


(١) تقدم تخريجه في ص ٢٤٢.
(٢) ينظر تفسير ابن كثير ٦/ ٤٢.
(٣) بعده في ص، ت ١، ف: "ليس".