للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ: ﴿فَلَمَّا قُضِيَ﴾. يقولُ: فلما فرَغ من الصلاةِ، ﴿وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ﴾.

وقولُه: ﴿وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ﴾. يقولُ: انصرَفوا مُنذِرين عذابَ اللهِ على الكفرِ به.

وذُكِر عن ابن عباسٍ أن رسولَ اللهِ جعلهم رُسُلًا إلى قومِهم.

حدَّثنا بذلك أبو كُرَيبٍ، قال: ثنا عبدُ الحميدِ الحِمَّانيُّ، قال: ثنا النضرُ، عن عكرمةَ، عن ابن عباسٍ (١).

وهذا القولُ خلافُ القولُ الذي رُوِى عنه أنه قال: لم يَكُنْ نبيُّ اللهِ علِم أنهم استمعوا إليه وهو يَقْرَأُ القرآنَ (٢). لأنَّه محالٌ أن يُرْسِلَهم إلى آخرِين إلا بعدَ علمِه بمكانِهم. إلا أن يُقالَ: لم يَعْلَمْ بمكانِهم في حالِ استماعِهم للقرآنِ، ثم علِم بعدُ قبلَ انصرافِهم إلى قومِهم، فأرسَلهم رُسُلًا حينَئذٍ إلى قومِهم، وليس ذلك في الخبرِ الذي رُوِى.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه مُخبِرًا عن قيلِ هؤلاء الذين صُرِفوا إلى رسولِ اللهِ من الجنِّ لقومِهم لمَّا انصرَفوا إليهم من عندِ رسولِ اللهِ : يا قومَنا من الجنِّ، إِنَّا


(١) تقدم تخريجه في ص ١٦٥.
(٢) ينظر الأثر المتقدم في ص ١٦٤.