للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التاء، بمعنى: أنه آخرُ النبِيِّين، كما قرَأ: (مختومٍ. خاتَمُه مِسْكٌ). بمعنى: آخرُه مِسكٌ، مَن قرأ ذلك كذلك (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٤٢) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (٤٣) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (٤٤﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: يَأَيُّها الذين صدَّقوا اللَّهَ ورسولَه، اذْكُروا الله بقلوبكم وألسنتِكم وجوارِحِكم ذكرًا كثيرًا، فلا تخلو أبدانكم مِن ذكرُه في حالٍ مِن أحوالِ طاقتِكم ذلك.

﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾. يقولُ: صلوا له عُدْوةً صلاةَ الصبحِ، وعشيًّا صلاة العصر.

وقولُه: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ربُّكم الذي تذْكُرونه الذِّكْرَ الكثير، وتسبِّحونه بُكرةً وأصيلًا، إذ أنتم فعَلْتُم ذلك، الذي (٢) يرحمُكم، ويُثْنى عليكم هو، ويدْعو لكم (٣) ملائكتُه. وقيل: إن معنى قوله: ﴿يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ﴾. يُشِيعُ عنكم (٤) الذِّكر الجميلَ في عبادِ اللَّهِ. وقولُه: ﴿لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾. يقولُ: تدْعو ملائكةُ اللهِ لكم، فيُخْرجُكم اللهُ مِن الضَّلالةِ إلى الهُدى، ومِن الكفرِ إلى الإسلامِ.

وبنحوِ الذي قُلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) هي قراءة الكسائي المدنى، ينظر النشر،٢/ ٣٩٩ ومعاني القرآن للفراء ٢/ ٢٤٤، ٣/ ٢٤٨، وحجة القراءات ص ٥٧٨.
(٢) بعده في ت ١: "تذكرونه الذكر الكثير ويسبحونه".
(٣) بعده في ص، ت ١، ت ٢: "و".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢: "عليكم".