للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول في تأويل قوله جلّ ثناؤُه: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١٦٠)

يقولُ جلَّ ثناؤه: وأوحينا إلى موسى إذ فرَّقنا بني إسرائيل قومه اثنتى عشْرَةَ فرقةً، وتَيَّهناهم في التِّيهِ فاستسْقَوا موسى من العطش وعَوَزِ (١) الماءِ - ﴿أَنِ اضْرِب بُعَصَاكَ الْحَجَرَ﴾.

وقد بيَّنا السبب الذي كان قومه استسقوه (٢)، وبيَّنا معنى "الوحيِ" بشواهده (٣).

﴿فَأَنْبَجَسَتْ مِنْهُ﴾: فانصبَّتْ وانفجرَتْ من الحجرِ، ﴿اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا﴾ من الماء، ﴿قَدْ عَلِمَ كُلُّ أَنَاسٍ﴾. يعنى: كل أناس من الأسباط الاثنتى عَشْرَةَ، ﴿مَّشْرَبَهُمْ﴾ لا يدخُلُ سبطٌ على غيره في شِرْبه، ﴿وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ﴾ يُكِنُّهم من حر الشمس وأذاها. وقد بينا معنى "الغمامِ" فيما مضى قبلُ، وكذلك "المنّ" و "السَّلْوى" (٤).

﴿وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى﴾ طعامًا لهم، ﴿كُلُوا مِن طَيَّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾. يقولُ: وقلنا لهم: كُلوا من حلال ما رزقناكُم أيها الناسُ فطيَّبناه لكم، ﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾. وفى الكلامِ


(١) في ص: "عور"، وفى م: "غثور"، وفى س، ف: "غور". والعوز: الحاجة. ينظر اللسان (ع و ز).
(٢) ينظر ما تقدم في ٢/ ٥، وما بعدها.
(٣) ينظر ما تقدم في ٥/ ٤٠١، وما بعدها.
(٤) ينظر ما تقدم في ١/ ٦٩٨، وما بعدها.