للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال بعض نحويِّى الكوفة: إنما قال: ﴿اثْنَتَا عَشْرَةَ﴾ بالتأنيث، و"السِّبطُ" مذكرٌ؛ لأن الكلام ذهب إلى الأممِ، فغَلَّب التأنيثَ وإن كان "السِّبط" ذكرًا، وهو مثل قول الشاعرِ (١):

وَإِنَّ كِلابًا هذه عَشْرُ أبْطُنٍ … وأنتَ بَرِيءٌ مِن قبائلها العَشْرِ

ذهب بـ "البطنِ" إلى القبيلة والفصيلةِ، فلذلك جمع "البطن" بالتأنيث.

وكان آخَرُ (٢) من نحويي الكوفة يقولُ (٣): إنما أُنِّثَت "الاثنتا عَشْرَةَ"، و"السبط" ذَكَرٌ؛ لذكرِ "الأممِ".

والصواب من القول في ذلك عندى أنّ "الاثنتى العَشْرَةَ" أُنثت لتأنيثِ "القطعةِ". ومعنى الكلام: وقطَّعناهم قطعًا اثنتى عشْرَةَ. ثم ترجم عن القِطَعِ بـ "الأسباطِ"، وغيرُ جائز أنْ تكونَ "الأسباطُ" مُفسَّرَةً عن "الاثنتى العشْرَةَ"، وهى جمعٌ؛ لأن التفسير (٤) فيما فوق العشرِ إلى العشرين بالتوحيد لا بالجمعِ، و "الأسباطُ" جمعٌ لا واحدٌ، وذلك كقولهم: عندى اثنَتا عَشْرَةَ امرأةً. ولا يقالُ: عندى اثنتا عَشْرَةَ نسوةً. ففي ذلك بيان (٥) أن "الأسباط" ليست بتفسيرٍ لـ "الاثنتى العشْرَةَ". وأن القول في ذلك على ما قلنا.

وأما "الأمم"، فالجماعات، و "السِّبطُ"، في بني إسرائيلَ نحو القرنِ.

وقيل: إنما فُرِّقوا أسباطًا لاختلافهم في دينهم.


(١) هو النواح الكلابي، والبيت في الكتاب ٣/ ٥٦٥، ومعاني القرآن للفراء ١/ ١٢٦، واللسان (ب ط ن).
(٢) في ص، م، ت ١، ف: "آخرون".
(٣) في ص، م، ت ١، ف: "يقولون". وهذا قول الفراء في معاني القرآن ١/ ٣٩٧.
(٤) يعنى بالتفسير التمييز.
(٥) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف.