للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿(١١) وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ومِن نِعَمِه عليكم أيُّها الناسُ، مع التي ذكَرها قبلُ، أن سخَّر لكم الليلَ والنهارَ يَتَعاقَبان عليكم، هذا لتَصَرُّفِكم في معاشِكم، وهذا لسكَنِكم فيه، ﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾ لمعرفةِ أوقاتِ أزمنتِكم وشهورِكم وسنينِكم، وصلاحِ معايِشكم، ﴿وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ﴾ لكم بأمرِ الله، تَجْرى في فَلَكِها، لتَهْتَدُوا بها في ظُلُماتِ البرِ والبحرِ. ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إن في تَسْخيرِ اللهِ ذلك على ما سخَّره، لدِلالاتٍ واضحاتٍ، لقومٍ يَعْقِلُون حُجَجَ اللهِ ويَفْهَمون عنه تنبيهَه إياهم.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (١٣)﴾.

يعنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ﴾: وسخَّر لكم ما ذرَأ لكم، أي ما خلَق لكم في الأرضِ ﴿مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ﴾ مِن الدوابِّ والثمارِ.

كما حدَّثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٍ، عن قتادةَ قوله: ﴿وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ﴾. يقول: وما خلَق لكم ﴿مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ﴾ من الدوابِّ، ومن الشجرِ والثمارِ، نِعَمٌ مِن الله مُتظاهِرةٌ، فاشْكُروها للهِ (١).

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرنا معمرٌ، عن


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١١٢ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.