للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقرَأ ذلك حُميدٌ وأبو عمرٍو وعامةُ قرأَةِ المدينةِ (١): (وَصَدَّ) بفتحِ الصادِ، بمعنى: وأَعْرَض فرعونُ عن سبيلِ اللهِ التي ابُتُعِثَ بها موسى اسْتِكْبارًا (٢).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك أن يقال: إنهما قِراءَتان مَعْروفَتان في قرأَةِ الأمصارِ، فبأيَّتِهما قرأ القارئٌ فمصيبٌ.

وقولُه: ﴿وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وما احتيالُ فرعونَ الذي كان يختالُه للاطِّلاعِ إلى إلهِ موسى، إلا في خَسارٍ وذَهَابِ مالٍ وغَبْنٍ؛ لأنه ذهَبَتْ نفقتُه التي أنْفَقَها على الصَّرْحِ باطلًا، ولم يَنَلْ بما أنفَق شيئًا مما أرادَه، فذلك هو الخَسارُ والتَّبابُ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ﴾. يقولُ: في خُسرانٍ (٣).

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿فِي تَبَابٍ﴾. قال: خَسارٍ (٤).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَمَا كَيْدُ


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "البصرة".
(٢) هي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر وأبى جعفر. السبعة ص ٥٧١ النشر ٢/ ٢٢٣.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره - كما في الإتقان ٢/ ٤١ - من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٥١ إلى ابن المنذر.
(٤) تفسير مجاهد ص ٥٨٣، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٥١ إلى عبد بن حميد