للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انتهَرَه رسولُ اللَّهِ وأغلَظ له، فقال أبو جهلٍ: علامَ يتوعَّدُنى محمدٌ وأنا أكثرُ أهل الوادى ناديًا؟ فقال اللَّهِ جلَّ ثناؤُه: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ﴾ (١)، فليدعُ حينَئذٍ ناديَه، فإنه إن دعا ناديَه، دعَونا الزبانيةَ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك جاءت الأخبارُ وقال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ الآثارِ المرويةِ في ذلك

حدَّثنا ابن وكيعٍ قال: ثنا أبو خالدٍ الأحمرُ، وحدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا الحكمُ بنُ جُمَيعٍ، قال: ثنا عليُّ بنُ مُسْهِرٍ، جميعًا عن داود بن أبي هند، عن عكرمةَ، عن ابن عباسٍ، قال: كان رسولُ اللهِ يُصَلِّي عندَ المَقامِ، فمرَّ به أبو جهلِ بنُ هشامٍ، فقال: يا محمدُ، ألم أنهكَ عن هذا؟ وتوعَّده، فأغلَظ له رسولُ اللَّهِ وانتهره، فقال: يا محمدُ، بأيِّ شيءٍ تهدِّدُني؟ أما واللَّهِ إني لأكثرُ هذا الوادى ناديًا. فأنزَل اللَّهِ: ﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ﴾. قال ابن عباسٍ: لو دعا ناديَه، أخَذَته زبانيةُ العذابِ من ساعته (٢).

حدَّثني إسحاقُ بنُ شاهين، قال: ثنا خالدُ بنُ عبدِ اللَّهِ، عن داودَ، عن عكرمةَ، عن ابن عباسٍ، قال: كان رسولُ اللَّهِ يصلِّى، فجاءه أبو جهلٍ فنهاه أن يصلّى، فأنزَل اللَّهِ: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (٩) عَبْدًا إِذَا صَلَّى﴾ إلى قولِه: ﴿كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾. فقال: لقد علم أنى أكثرُ هذا الوادى ناديًا. فغضب النبيُّ فتكلَّم بشيءٍ - قال داودُ: ولم أحفَظْه - فأنزَل اللَّهِ: ﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ﴾.


(١) سقط من: م.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة ١٤/ ٢٩٨، وأحمد ٤/ ١٦٤ (٢٣٢١)، والترمذى (٣٣٤٩)، والنسائي في الكبرى (١١٦٨٤) من طريق أبي خالد به. وأخرجه ابن مردويه - كما في تخريج الكشاف للزيلعي ٤/ ٢٤٨ - من طريق على بن مسهر به.