يقولُ تعالى ذكرُه مخبرًا عن قيلِ ثمودَ لنبيِّها صالحٍ: ﴿مَا أَنْتَ﴾ يا صالحُ ﴿إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا﴾ من بنى آدمَ، تأكلُ مما نأكل، وتَشْرَبُ مما نَشْربُ، ولستَ بربٍّ ولا ملَكٍ، فعلامَ نَتَّبِعُك؟ فإن كنتَ صادقًا في قيِلك، وأنَّ الله أَرسَلك إلينا، ﴿فَأْتِ بِآيَةٍ﴾. يعنى: بدلالةٍ وحجةٍ على أنك محقٌّ فيما تقولُ، إن كنتَ ممن صدَقَنا في دعواه أن الله أرسَلَه إلينا.
وقد حدَّثني أحمدُ بنُ عمرٍو البصريُّ، قال: ثنا عمرُو بنُ عاصمٍ الكِلابيُّ، قال: ثنا داودُ بنُ أبى الفراتِ، قال: ثنا عِلباءُ بنُ أحمرَ، عن عكرِمةَ، عن ابن عباسٍ، أن صالحًا النبي ﷺ بعثَه اللهُ إلى قومِه، فآمَنوا به واتبَعوه، فمات صالحٌ، فرَجعوا عن الإسلامِ، فأتاهم صالحٌ فقال لهم: أنا صالحٌ. قالوا: إن كنتَ صادقًا فأتِنا بآيةٍ. فأتاهم بالناقةِ، فكذَّبوه وعقروها، فعذَّبهم الله (١).
وقولُه: ﴿قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾. يقول تعالى ذكرُه: قال صالحٌ لثمودَ، لمَّا سألوه آيةً يعلَمون بها صِدْقَه، فأتاهم بناقةٍ أخرَجها من صخرةٍ أو هَضْبةٍ: هذه ناقةٌ يا قومِ، لها شِرْبُ يومٍ ولكم مِثْلُه شِرْبُ يومٍ آخر معلومٍ
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥١١ من طريق داود بن أبى الفرات به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٩٢ إلى ابن أبي الدنيا في كتاب "من عاش بعد الموت".