للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةً قولَه: ﴿وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ﴾ وهؤلاء مؤمنون، فيقالُ (١) لهم: ﴿مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ﴾ فيقولون: ﴿خَيْرًا﴾. ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ﴾. أي: آمَنُوا باللهِ، وأمَروا بطاعةِ اللهِ، وحَثُوا أهلَ (٢) طاعةِ اللهِ على الخيرِ ودعَوْهم إليه (٣).

القول في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿جَنَّات عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (٣١)﴾.

يعنى تعالَى ذكرُه بقولِه: ﴿جَنَّات عَدْنٍ﴾: بساتينُ للمُقام (٤). وقد بيَّنا اختلافَ أهلِ التأويلِ في معنى "عَدْنٍ" فيما مَضَى، بما أغنَى عن إعادتِهُ (٥).

﴿يَدْخُلُونَهَا﴾. يقولُ: يدخُلون جناتِ عدنٍ. وفى رفعِ "جنات" أوجهٌ ثلاثةٌ: أحدُها أن يكونَ مرفوعًا على الابتداءِ، والآخرُ بالعائدِ من الذكرِ في قولِه: ﴿يَدْخُلُونَهَا﴾. والثالثُ على أن يكون خبرًا لـ "نعم"، فيكونُ المعنى إذا جُعِلَتْ خبرًا لـ "نعم": ولنعمَ دارُ المتقين جنَّاتُ عَدْنٍ. ويكونُ ﴿يَدْخُلُونَهَا﴾ في موضعِ حالٍ، كما يُقالُ: نعم الدارُ دارٌ تسكنُها أنتَ. وقد يجوزُ أن يكونَ - إذا كان الكلامُ بهذا


(١) في ص، ف: "فقال".
(٢) سقط من: ص، ت ٢.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١١٧ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٤) في ص، ت ٢، ف: "المقام".
(٥) تقدم في ١١/ ٥٥٩ - ٥٦٤.