للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شئتُم مِن أبوابِها وغيرِ أبوابِها، ما لم تعتقِدوا تحريمَ إتيانِها من أبوابِها في حالٍ من الأحوالِ، فإنّ ذلك غيرُ جائزٍ لكم اعتقادُه؛ لأنَّه مما لم أحرِّمْه عليكم.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٨٩)﴾.

يعني بذْلك جلَّ ثناؤُه: واتقُوا اللهَ أيّها الناسُ، فاحذَرُوه وارهَبُوه، بطاعتِه فيما أمَركم به من فرائضِه، واجتنابِ ما نهاكم عنه؛ لتفلِحُوا فتُنْجِحُوا في طَلِباتِكم لديه، وتُدرِكُوا به البقاءَ في جِنانِه، والخلودَ في نَعيمِه.

وقد بينَّا معنى "الفلاحِ" فيما مضَى قَبلُ بما يدلُّ عليه (١).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (١٩٠)﴾.

اختلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ هذه الآيةِ؛ فقال بعضُهم: هذه الآيةُ هي أوّلُ آيةٍ نزَلتْ في أمْرِ المسلمين بقتالِ المشركين. وقالوا: أُمِر فيها المسلمون بقتالِ مَن قاتَلَهم من المشركينَ، والكَفِّ عمَّن كفَّ عنهم منهم (٢)، ثم نُسِخَتْ بعدُ بـ "براءةَ".

ذِكرُ من قال ذلك

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ بنُ سعدٍ وابنُ أبي جعفرٍ، عن أبي جعفرٍ، عن الربيعِ في قولِه: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾. قال: هذه أوّلُ آيةٍ نزَلتْ في القتالِ بالمدينةِ، فلمَّا نزَلتْ كان رسولُ اللهِ يقاتِلُ من قاتَله (٣)، ويكفُّ


(١) ينظر ما مضى في ١/ ٢٥٦، ٢٥٧.
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "يقاتله".