للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمَرَكم به في كتابِكم، فنبَذْتُموه وراءَ ظهورِكم.

وكنَى بقولِه: ﴿ذَلِكَ﴾. عن جميعِ ما قبلَه في الآيةِ المتقدمةِ، أعنى قولَه: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ﴾ الآية.

القولُ في تأويلِ قولِه جلّ ثناؤُه: ﴿فَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ﴾.

يعنى تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿فَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ﴾. فلولا أن اللهَ تفَضَّل عليكم بالتوبةِ بعدَ نَكثِكمُ (١) الميثاقَ الذى واثَقْتُموه -إذ رفَع فوقَكم الطورَ- بأنكم تَجْتَهِدون في طاعتِه، وأداءِ فَرائضِه، والقيامِ بما أمَرَكم به، والانْتِهاءِ عما نَهاكم عنه في الكتابِ الذى آتاكم، فأنْعَم عليكم بالإسلامِ، ورحمتُه التى رحِمَكم بها، فتَجاوَز عنكم خَطيِئتَكم التى ركِبْتُموها، بمراجعتِكم طاعةَ ربِّكم - لكنتم مِن الخاسرين.

وهذا وإن كان خطابًا لمن كان بينَ ظهْرانَىْ مُهاجَرِ رسولِ اللهِ مِن أهلِ الكتابِ أيامَ رسولِ اللهِ ، فإنما هو خبرٌ عن أسلافِهم، فأُخْرِج (٢) مُخْرَجَ الخَبَرِ (٣) عنهم، على نحوِ ما قد بيَّنَّا فيما مضَى، من أن القَبيلةَ مِن العربِ تُخاطِبُ القَبيلةَ عندَ الفَخارِ أو غيرِه، بما مضَى مِن فِعلِ أسْلافِ المخاطِب بأسْلافِ المخاطَبِ، فتُضِيفُ فِعْلَ أسْلافِ المُخاطِبِ إلى أنفسِها، فتقولُ: فعَلْنا (٤) وفعَلْنا (٤). [وما فُعِل بأسلافِ المخاطَبِ إلى المخاطِبِ لهم بقولِهم: فعَلنا بكمْ] (٥) [وفعلْنا بكم] (٦). وقد ذكَرْنا بعضَ


(١) فى ت ٢، ت ٣: "نقضكم"، وفى ت ١: "نبذكم".
(٢) بعده فى م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الخبر".
(٣) فى م: "المخبر".
(٤) بعده فى م: "بكم".
(٥) سقط من: م.
(٦) زيادة من: ت ١، ت ٢، ت ٣.