للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وكان اللَّهُ ذا عفوٍ عن ذنوبِ مَن تاب مِن عبادِه وراجَع طاعتَه، وذا رحمةٍ به أن يعاقِبَه على ذنوبِه بعدَ توبتِه منها.

قولُه: ﴿وَمَنْ تَابَ﴾. يقولُ: ومن تاب من المشركين، فآمَن باللَّهِ ورسولِه، ﴿وَعَمِلَ صَالِحًا﴾. يقولُ: وعمِل بما أمَره اللَّهُ فأطاعه، فإن اللَّهَ فاعلٌ به من إبدالِه سَيِّئَ أعمالِه في الشركِ بحسَنِها في الإسلامِ، مثلَ الذي فعَل مِن ذلك بمن تاب وآمَن وعَمِل صالحًا قبلَ نزولِ هذه الآيةِ من أصحابِ رسولِ الله .

وبنحوِ الذي قلنا في تأويلِ ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا﴾. قال: هذا للمشركين الذين قالوا لما أُنزِلت: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ إلى قولِه: ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ لأصحابِ رسولِ اللَّهِ : ما كان هؤلاء إلا معنا. قال: ﴿وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ فإن لهم مثلَ ما لهؤلاء، ﴿فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا﴾؛ لم تُحظَرِ التوبةُ عليكم.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (٧٢)﴾.

اختلَف أهلُ التأويلِ في معنى "الزورِ" الذي وصَف اللَّهُ هؤلاء القومَ بأنهم لا يَشهَدونه؛ فقال بعضُهم: معناه الشركُ باللَّهِ.