للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باللهِ، والتكذيبِ لنبيِّه محمدٍ : ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ﴾ قبلَك ﴿إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ﴾ وهو البؤسُ وشَظَفُ المعيشةِ وضيقُها، ﴿وَالضَّرَّاءِ﴾ وهى الضُّرُّ وسوءُ الحالِ في أسبابِ دُنْياهم، ﴿لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ﴾. يقولُ: فعَلْنا ذلك بهم (١) ليَتَضَرَّعوا إلى ربِّهم، ويَسْتَكِينوا (٢) إليه، ويُنِيبوا بالإقلاعِ عن كفرِهم، والتوبةِ مِن تكذيبِ أنبيائِهم.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذِكْرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ الحسيِن، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ﴾. يقولُ: بالفقرِ والجُوعِ (٣).

وقد ذكَرْنا فيما مضَى الشواهدَ على صِحَّةِ القولِ بما قُلْنا في معنى البأساءِ والضرّاءِ بما أغنَى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٤).

وقيلَ: ﴿يَضَّرَّعُونَ﴾. والمعنى: يَتَضَرَّعون، ولكن أُدْغِمَت التاءُ في الضادِ لتقاربِ مخرجِهما.

القولُ في تأويلِ قولِه جل وعز: ﴿ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٩٥)﴾.

يقولُ جلّ ثناؤُه: ﴿ثُمَّ بَدَّلْنَا﴾ أهلَ القريةِ التي أخَذنا أهلَها بالبأساءِ والضرّاءِ،


(١) سقط من: الأصل، ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، من.
(٢) في الأصل: "يستكينون"، وفى ف: "سلبوا".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥٢٤، ١٥٢٥ عقب الأثر (٨٧٤١) من طريق أسباط به.
(٤) ينظر ما تقدم في ٣/ ٨٦ - ٩١.