للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ في (١) الوعدِ الذي وُعِدوا. فكان معنى الكلامِ على تأويلِ قائلِ هذا القولِ: وعد اللَّهِ الذين آمنوا وعمِلوا الصالحاتِ لهم مغفرةٌ وأجرٌ عظيمٌ (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه عزّ ذكرُه: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١٠)﴾.

يعنى بقولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾: والذين جحَدوا وحْدانيةَ اللَّهِ، ونقَضوا ميثاقَه وعقودَه التي عاقَدوها إياه، ﴿وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾. يقولُ: وكذَّبوا بأدلةِ اللَّهِ وحُجَجِه الدالةِ على وحدانيتِه التي جاءَت بها الرسلُ وغيرُها، ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾. يقولُ: هؤلاء الذين هذه صفتُهم أهلُ الجحيمِ. يعنى: أهلُ النارِ الذين يَخْلُدون فيها، ولا يَخْرُجون منها أبدًا.

القولُ في تأويلِ قوله عز ذكرُه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ﴾.

يعنى بذلك جلَّ ثناؤُه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أَقَرُّوا بتوحيدِ اللَّهِ ورسالةِ رسولِه وما جاءَهم به مِن عندِ ربِّهم، ﴿اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾: اذكُروا النعمةَ التي أنْعَم اللَّهُ بها عليكم، فاشْكُروه عليها بالوفاء له بميثاقِه الذي واثَقَكم به، والعقودِ التي عاقَدْتُم نبيَّكم عليها. ثم وصَف نعمتَه التي أمَرَهم جلَّ ثناؤُه بالشكرِ عليها مع سائرِ نعمِه، فقال: هي كفُّه عنكم أيدىَ القومِ الذين همُّوا بالبطْشِ بكم، فصرَفَهم عنكم، وحال بينَهم وبينَ ما أرادوه بكم.

ثم اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في صفةِ هذه النعمةِ التي ذكَّر اللَّهُ جلَّ ثناؤُه أصحابَ


(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٢) كذا في النسخ، ولعل تمام السياق: فيما وعدهم فيه. وينظر تفسير القرطبي ٦/ ١١٠.