للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العبَرَ. يقولُ: قد بَيَّنا لكم من أمرِ هؤلاء اليهودِ الذين نَهَيناكم أن تتَّخِذوهم بِطانةً من دونِ المؤمنين، ماتعتبرون وتتَّعظون به من أمْرِهم ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾. يعنى: إن كنتم تَعْقِلُون عن اللهِ مَواعظه، وأمره ونهيَه، وتعرِفون مواقعَ نَفْعِ ذلك منكم، ومَبْلَغَ عائدتِه عليكم.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿هَاأَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ﴾.

يَعْنى بذلك جلّ ثناؤه: ها أنتم أيها المؤمنون الذين ﴿تُحِبُّونَهُمْ﴾. يقولُ: تُحبون هؤلاء الكفارَ الذين نَهَيتُكم عن اتِّخاذهم بِطانةً مِن دونِ المؤمنين، فَتَوَدُّونهم وتُواصلونهم، وهم لا يُحِبُّونكم، بل يَنْطَرُون (١) لكم على (٢) العداوةِ والغِشِّ، ﴿وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ﴾.

ومعنى الكتابِ في هذا الموضعِ معنى الجمعِ، كما يقالُ: كثُر الدِّرْهَمُ في أيدى الناسِ. بمعنى: الدَّراهم. فكذلك قولُه: ﴿وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ﴾، إنما معناه: بالكُتُبِ كلِّها؛ كتابكم الذى أنزَله اللهُ إليكم، وكتابِهم الذى أنزَله إليهم، وغيرِ ذلك مِن الكتبِ التى أنزَلها اللهُ تعالى ذكرُه على عبادِه.

يقولُ جل ثناؤُه: فأنتم -إذ كنتم أيُّها المؤمنون تُؤمنون بالكُتُبِ كُلَّها، وتعلَمون أن الذين نَهَيتُكم عن أن تَتَّخِذوهم بِطانةً مِن دونكم، كفارٌ بذلك كلِّه؛ بجُحودهم [ما في] (٣) ذلك كلِّه، مِن عُهودِ اللهِ إليهم، وتَبْديلِهم ما فيه مِن أمرِ اللَّهِ ونَهْيِه- أولى بعَداوتِكم إياهم، وبَغْضائهم وغِشِّهم، منهم بِعَداوَتِكم وبَغْضائكم، مع جُحودِهم بعضَ الكتبِ، وتكذيبِهم ببعضِها.


(١) في، م، ت ٢، ت ٣، س: "ينتظرون"، وفى ت ١: "ينظرون".
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٣) سقط من م، س، وفى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فى".