للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحارث، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ﴾. قال: صلُّوا (١).

وأولى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ أن يقالَ: إنَّ ذلك خبرٌ مِن اللهِ تعالى ذكرُه عن هؤلاءِ القومِ المجرمين، أنَّهم كانوا له مخالفين في أمره ونهيِه؛ لا يأْتِمرون لأمرِه، ولا يَنْتَهون عمَّا نهاهم عنه.

وقولُه: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾. يقولُ: ويلٌ للذين كذَّبوا رسلَ اللهِ، فردُّوا عليهم ما بلَّغوا مِن أَمرِ اللهِ إِيَّاهم ونهيهِ لهم.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (٥٠)﴾.

يقولُ تعالى ذكره: فبأيِّ حديثٍ بعد هذا القرآن. [أي: أنتم] (٢) أيُّها القومُ كذَّبتم به مع وضوحِ برهانِه وصحةِ دلائلِه، أنه حقٌّ مِن عندِ اللهِ، (تؤمنون). يقولُ: تُصدِّقون؟

وإنما أعلَمهم اللهُ تعالى ذكرُه أنَّهم إن لم يُصدِّقوا بهذه الأخبارِ التي أخبرَهم بها في هذا القرآنِ، مع صحةِ حُجَجِه على حقيقتِه، لم يُمْكِنْهم الإقرارُ بحقيقةِ شيءٍ مِن الأخبارِ (٣) التي لم يُشاهِدوا المُخْبَرَ عنه ولم يُعايِنوه، وأنهم إن صدَّقوا بشيءٍ مما غاب عنهم لِدليلٍ قام عليه، لَزِمهم مثلُ ذلك في أخبارِ هذا القرآنِ، واللهُ أعلمُ.

آخرُ تفسيرِ سورةِ "والمرسلاتِ"


(١) تفسير مجاهد ص ٦٩٣، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٠٥ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) في ص، ت ١: "أرايتم".
(٣) بعده في ص: "لم يمكنهم الإقرار بحقيقة شيء من الأخبار". وكتب في هامشها: كذا بالأصل.