للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرُ منهم: إنما أُنِّث الصُّواعُ حينَ أُنِّث؛ لأنه أُرِيدَت به السَّقاية، وذُكِّر حين ذُكِّر؛ لأنه أُريد به الصُّواعُ. قال: وذلك مثلُ الخِوان والمائدةِ، وسِنانِ الرمحِ وعاليتِه، وما أشبهَ ذلك من الشيءِ الذي يَجْتمِعُ فيه (١) اسمان؛ أحدُهما مذكَّرٌ، والآخرُ مُؤَنَّثٌ.

وقولُه: ﴿كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾. يقولُ: هكذا صنَعْنا ليوسُفَ، حتى يُخلِّص أخاه لأبيه وأمِّه مِن إخوتِه لأبيه، بإقرارٍ منهم أَنَّ له أَنْ يَأْخُذَه منهم، ويحْتبِسَه في يديه، ويحُول بينه وبينهم، وذلك أنهم قالوا إذ قيل لهم: ﴿قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ﴾ [يوسف: ٧٤]: جزاءُ مَن سرَق الصُّواعَ أن من وُجد ذلك في رحلِه فهو مُسْتَرَقٌ به. وذلك كان حكمَهم في (٢) دينِهم، فكاد اللهُ ليوسُفَ كما وصَف لنا، حتى أخَذ أخاه منهم، فصار عندَه بحكمهم وصُنْعِ اللَّهِ له.

وقولُه: ﴿مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾. يقولُ: ما كان يوسُفُ لِيَأْخُذَ أخاه في حكمِ ملِكِ مصرَ وقضائِه وطاعتِه منهم؛ لأنه لم يَكُنْ من حكمِ ذلك الملكِ وقضائِه أن يُسْترَقَّ أحدٌ بالسَّرَقِ، فلم يكُنْ ليوسُفَ أَخْذُ أخيه في حكمِ مَلك أرضِه، إلا أن يَشاءَ اللهُ بكيدِه الذي كاده له، حتى أسْلم مَن وُجد في وعائِه الصُّواعُ إخوته ورُفقاؤُه، بحكيهم عليه، وطابت أنفسُهم بالتسليمِ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا الحسنُ، قال: ثنا شَبابةُ، قال: ثنا وَرْقاءُ، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن


(١) في ص، ت ١، ت ٢: "فيها".
(٢) في ص: "سه وفى"، وفي ت ١: "وفى"، وفى ت ٢: "بنيه وفى"، وفى ف: "بينه وفي".