للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن إسماعيلَ بنِ أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ﴾: بالعذابِ (١).

وكان بعضُ نحويي الكوفيين (٢) يَتَأَوَّلُ ذلك بمعنى: باسطو أيديهم بإخراجِ أنفسِهم.

فإن قال قائلٌ: ما وجهُ قولِه: ﴿أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ﴾. ونفوسُ بني آدمَ إنما يُخْرِجُها مِن أبدانِ أهلِها ربُّ العالمين؟ فكيف خُوطِب هؤلاء الكفارُ وأُمِروا في حالِ الموتِ بإخراجِ أنفسِهم؟ فإن كان ذلك كذلك فقد وجَب أن يكونَ بنو آدمَ هم يَقْبِضون أنفسَ أجسامهم!

قيل: إن معنى ذلك بخلافِ الذي ذهَبْتَ، وإنما ذلك أمرٌ مِن اللهِ على ألسنِ رسلِه الذين يَقْبِضون أرواحَ هؤلاء القومِ مِن أجسامِهم، بأداءِ ما أسْكَنها ربُّها مِن الأرواحِ إليه، وتسليمِها إلى رسلِه الذين يَتَوَفَّونها.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (٩٣)﴾.

وهذا خبرٌ مِن الله جلَّ ثناؤُه عما تقولُ رسلُ اللهِ التي تَقْبِضُ أرواحَ هؤلاء الكفارِ لها، يُخْبِرُ عنها أنها تقولُ لأجْسامِها ولأصحابِها: أخْرِجوا أنفسَكم إلى سَخَطِ اللهِ ولعنتِه، فإنكم اليومَ تُثابون على كفرِكم باللهِ، وقيلِكم عليه الباطلَ، وزعمِكم أن اللهَ أوْحَى إليكم، ولم يُوحِ إليكم شيئًا، [وإنكارِكم] (٣) أن يَكونَ اللهُ أنْزَل على بشرٍ


(١) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٤٨ عقب الأثر (٧٦٣٦) معلقا.
(٢) هو الفراء في معاني القرآن ١/ ٣٤٥.
(٣) سقط مِن: ت ٢، وفي ص، م، ت ١، س، ف: "وإنذاركم".