للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : واتْلُ على هؤلاء اليهود الذين هَمُّوا أن يَبْسُطوا أيديَهم إليكم (١)، وعلى أصحابِك معهم (٢) - وعرَّفْهم مكروهَ عاقبةِ الظلمِ والمكرِ، وسوءَ مَغَبَّةِ (٣) الخَتْرِ (٤) ونقضِ العهدِ، وما جزاءُ الناكثِ، وثوابُ الوافي - خبرَ ابْنَيْ آدمَ هابيلَ وقابيلَ، وما آل إليه أمرُ المطيعِ منهما ربَّه، الوافي بعهدِه، وما إليه صار أمرُ العاصى منهما ربَّه، الخاتِرِ (٥) الناقضِ عهدَه، فَلْتُعَرِّفْ بذلك اليهودَ وَخَامَةَ غِبِّ غَدْرِهم (٦)، ونقضِهم ميثاقَهم بينَك وبينَهم، وهمِّهم بما همُّوا به مِن بَسْطِ أيديهم إليك وإلى أصحابك، فإن لك ولهم في حسنِ ثوابي، وعِظَمِ جزائي على الوفاءِ بالعهدِ الذي جازَيْتُ المقتولَ، الوافي بعهدِه من ابْنَيْ آدمَ، وعاقَبْتُ به القاتلَ الناكثَ عهدَه، عَزاءً جميلًا.

واخْتَلف أهلُ العلمِ في سببِ تقريبِ ابْنَىْ آدمَ القُرْبانَ، وسببِ قَبُولِ اللَّهِ ﷿ ما تَقَبَّلَ منه، ومَن اللذان قَرَّبا؟ فقال بعضُهم: كان ذلك عن أمرِ اللهِ جلَّ وعزَّ إياهما بتقريبِه، وكان سببَ القَبولِ أن المتُقَبَّلَ منه قَرَّب خيرَ مالِه، وقرَّب الآخرُ شرَّ مالِه، وكان المُقَرِّبانِ ابْنى آدمَ لصُلْبِه، أحدُهما هابيلُ، والآخرُ قابيلُ.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثني المثنى بنُ إبراهيمَ، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ أبي جعفرٍ،


(١) بعده في م: "عليك".
(٢) في م: "معك".
(٣) المغبة والغب: عاقبة الشيء وآخره.
(٤) في م: "الجور". والختر: الغدر. وقيل: أسوأ الغدر وأقبحه. اللسان (خ ت ر).
(٥) في م: "الجائر".
(٦) في م: "عدوهم"