للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ﴾

وقولُه: ﴿وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾. يقولُ: وليَكونَ كفُّه تعالى ذكرُه أيديَهم عن عِيالِهم آيةً وعِبرةً للمؤمنين به، فيَعْلَموا أن الله هو المتولى حِياطتَهم وكِلاءتَهم، في مشهدِهم ومَغِيبهم، ويَتَّقوا الله في أنفسِهم وأموالهم وأهليهم، بالحفظِ وحُسْنِ الوَلايةِ، ما كانوا مُقيمين على طاعتِه، مُنْتَهين إلى أمرِه ونهيِه.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾. يقولُ: وذلك آية للمؤمنين، كفُّ أيدى الناسِ عن عيالهم (١).

﴿وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾. يقولُ: ويُسَدِّدَكم أيُّها المؤمنون طريقًا واضحًا، لا اعْوِجاجَ فيه، فيُبَيِّنهُ لكم، وهو أن تثقوا في أموركم كلِّها بربِّكم، فتتوكلَّوا عليه في جميعها؛ ليَحوُطَكم حياطته إياكم في مسيرِكم إلى مكةَ مع رسول اللهِ في أنفسكم وأهلِيكم وأموالِكم، فقد رأيْتُم أثر فعلِ اللهِ بكم، إذ وثِقْتُم به (٢) في مسيركم هذا.

وقولُه: ﴿وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ووعدكم أيُّها القومُ ربُّكم فتح بَلْدةٍ أُخرى لم تَقْدِروا على فتحِها، قد أحاط اللهُ بها


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٢٧ عن معمر به.
(٢) سقط من: م، ت ٢ ت ٣.