للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ﴾. يقولُ: زيَّن لهم (١).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿سَوَّلَ لَهُمْ﴾. يقولُ: زيَّن لهم.

وقولُه: ﴿وَأَمْلَى لَهُمْ﴾. يقولُ: ومدَّ اللَّهُ لهم في آجالِهم مُلاوةً (٢) من الدهرِ. ومعنى الكلامِ: الشيطانُ سوَّل لهم، واللَّهُ أَمْلَى لهم.

واختلَفت القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأته عامةُ قرأةِ الحجازِ والكوفةِ: ﴿وَأَمْلَى لَهُم﴾ بفتحِ الألفِ منها (٣)، بمعنى: وأَمْلَى اللَّهُ لهم. وقرَأ ذلك بعضُ أهلِ المدينةِ والبصرةِ: (وأُملِىَ لهم) على وجهِ ما لم يُسَمَّ فاعلُه (٤). وقرَأ مجاهدٌ فيما ذُكِر عنه: (وأُمْلِى). بضمِّ الألفِ وإرسالِ الياءِ (٥)، على وجهِ الخبرِ من اللَّهِ - جلَّ ثناؤُه عن نفسِه أنه يَفْعَلُ ذلك بهم.

وأولى هذه القراءاتِ (٦) بالصوابِ التي عليها عامةُ قرأةِ الحجازِ والكوفةِ، من فتحِ الألفِ في ذلك؛ لأنها القراءةُ المستفيضةُ في قرأةِ الأمصارِ، وإن كان يَجْمَعُها مَذْهَبٌ تَتَقارَبُ معانيها فيه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (٢٦)﴾.


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٢٤ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٦٦ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) المِلاوة والمُلاوة والمَلاوة والمَلا والمَلِى كله: مدة العيش. اللسان (م ل و).
(٣) وهى قراءة نافع وابن كثير وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائى وأبى جعفر وخلف. النشر ٢/ ٢٨٠.
(٤) وهى قراءة أبى عمرو. المصدر السابق.
(٥) هي قراءة يعقوب، وهو من العشرة. المصدر السابق.
(٦) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "القراءة"، والقراءات المذكورة كلها صواب.