للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقولُ في ذلك عندى أنهما قراءتان مشهورتان، قد قَرأ بكلِّ واحدةٍ منهما علماءُ مِن القرأةِ، مُتَّفِقَتا المعنى، صَحيحتا المخرجِ في العربيةِ، فبأيَّتِهما قَرأ القارئُ فمصيبٌ.

وقولُه: ﴿وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ﴾. يقولُ: ولُبُوسُهم التي تَلَى أَبْشَارَهم فيها ثيابٌ حريرٌ.

وقولُه: ﴿وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وهَداهم ربُّهم في الدنيا إلى شهادةِ أن لا إلهَ إلا اللَّهُ.

كما حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ﴾. قال: هُدُوا إلى الكلامِ الطيبِ؛ لا إلهَ إلا اللَّهُ، واللَّهُ أكبرُ، والحمدُ للَّهِ، قال اللَّهُ: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: ١٠] (١).

حدَّثنا عليٌّ، قال: ثنا عبدُ اللَّهِ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ: ﴿وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ﴾. قال: أُلْهِموا (٢).

وقولُه: ﴿وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: وهَداهم ربُّهم في الدنيا إلى طريقِ الربِّ الحميدِ. وطريقُه دينُه دينُ الإسلامِ الذي شَرَعه لخلقِه، وأمَرهم أن يَسْلكوه.

"والحميدُ" فَعِيلٌ، صُرِف مِن مفعولٍ إليه، ومعناه: أنه محمودٌ عندَ أوليائِه مِن خلقِه، ثم صُرِفَ مِن محمودِ إلى حميدٍ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٥٠ إلى ابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم - كما في الإتقان ٢/ ٣٠ - من طريق عبد الله به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٥٠ إلى ابن المنذر.